الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ} (3)

قوله تعالى : " وما ينطق عن الهوى " قال قتادة : وما ينطق بالقرآن عن هواه " إن هو إلا وحي يوحى " إليه . وقيل : " عن الهوى " أي بالهوى ، قاله أبو عبيدة ، كقوله تعالى : " فاسأل به خبيرا{[14340]} " [ الفرقان : 59 ] أي فاسأل عنه . النحاس : قول قتادة أولى ، وتكون " عن " على بابها ، أي ما يخرج نطقه عن رأيه ، إنما هو بوحي من الله عز وجل ؛ لأن بعده : " إن هو إلا وحي يوحى " . وقد يحتج بهذه الآية من لا يجوز لرسول الله صلى الله عليه وسلم الاجتهاد في الحوادث . وفيها أيضا دلالة على أن السنة كالوحي المنزل في العمل . وقد تقدم في مقدمة الكتاب حديث المقدام بن معد يكرب{[14341]} في ذلك والحمد لله . قال السجستاني : إن شئت أبدلت " إن هو إلا وحي يوحى " من " ما ضل صاحبكم " قال ابن الأنباري : وهذا غلط ؛ لأن " إن " الخفيفة لا تكون مبدلة من " ما " الدليل على هذا أنك لا تقول : والله ما قمت إن أنا لقاعد .


[14340]:راجع جـ 13 ص 63 وص 228.
[14341]:راجع جـ 1 ص 37.