ثم يجيء البيان بما يتناسق مع هذا التصوير : ( يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ) . . فهو العجز الشامل . وهو الشلل الكامل . وهو الانحسار والانكماش والانفصال بين النفوس المشغولة بهمها وحملها عن كل من تعرف من النفوس ! ( والأمر يومئذ لله ) . . يتفرد به سبحانه . وهو المتفرد بالأمر في الدنيا والآخرة . ولكن في هذا اليوم - يوم الدين - تتجلى هذه الحقيقة التي قد يغفل عنها في الدنيا الغافلون المغرورون . فلا يعود بها خفاء ، ولا تغيب عن مخدوع ولا مفتون !
ويتلاقى هذا الهول الصامت الواجم الجليل في نهاية السورة ، مع ذلك الهول المتحرك الهائج المائج في مطلعها . وينحصر الحس بين الهولين . . وكلاهما مذهل مهيب رعيب ! وبينهما ذلك العتاب الجليل المخجل المذيب !
ثم فسره بقوله : { يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالأمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ }أي : لا يقدر واحد{[29825]} على نفع أحد ولا خلاصه مما هو فيه ، إلا أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى .
ونذكر هاهنا حديث : " يا بني هاشم ، أنقذوا أنفسكم من النار ، لا أملك لكم من الله شيئا " . وقد تقدم في آخر تفسير سورة " الشعراء " ؛ ولهذا قال : { وَالأمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } كقوله { لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } [ غافر : 16 ] ، وكقوله : { الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ } [ الفرقان : 26 ] ، وكقوله { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } [ الفاتحة : 4 ] .
قال قتادة : } يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالأمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ والأمر - والله - اليوم لله ، ولكنه يومئذ لا ينازعه أحد .
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن أبي إسحاق وعيسى وابن جندب : «يومُ لا تملك » برفع الميم من «يومُ » على معنى هو يوم ، وقرأ الباقون والحسن وأبو جعفر وشيبة والأعرج : «يومَ » بالنصب على الظرف ، والمعنى : الجزاء يوم فهو ظرف في معنى خبر الابتداء ، ثم أخبر تعالى بضعف الناس يومئذ وأنه لا يغني بعضهم عن بعض وأن الأمر له تبارك وتعالى ، وقال قتادة كذلك : هو اليوم ولكنه هنالك لا ينازعه أحد ولا يمكن هو أحداً في شيء منه كما يمكنه في الدنيا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.