نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{يَوۡمَ لَا تَمۡلِكُ نَفۡسٞ لِّنَفۡسٖ شَيۡـٔٗاۖ وَٱلۡأَمۡرُ يَوۡمَئِذٖ لِّلَّهِ} (19)

ولما بين أنه من العظمة بحيث لا تدركه دراية دار وإن عظم وإن اجتهد ، لخص أمره في شرح ما يحتمله العقول منه على سبيل الإجمال دافعاً ما قد يقوله بعض من لا عقل له : إن كان انضممت{[72081]} والتجأت إلى بعض الأكابر وقصدت{[72082]} بعض الأماثل فأخلص قهراً أو بشفاعة ونحوها ، فقال مبدلاً من " يوم الدين " في قراءة ابن كثير والبصريين بالرفع : { يوم } وهو ظرف ، قال الكسائي : العرب تؤثر الرفع إذا أضافوا {[72083]}الليل واليوم إلى{[72084]} مستقبل ، وإذا أضافوا إلى فعل ماض آثروا النصب { لا تملك } أي بوجه من الوجوه في وقت ما { نفس } أيّ نفس كانت من غير استثناء ، ونصبه الباقون على الظرف ، ويجوز أن تكون الفتحة للبناء لإضافته{[72085]} إلى غير متمكن{[72086]} { لنفس شيئاً } أي{[72087]} قل أو جل ، وهذا وإن كان اليوم ثابتاً لكنه في هذه الدار بطن سبحانه في الأسباب ، فتقرر في النفوس أن الموجودين يضرون وينفعون لأنهم يتكلمون{[72088]} ويبطشون ، وأما هناك فالمقرر في النفوس خلاف ذلك من أنه لا يتكلم أحد إلا بإذنه إذناً ظاهراً ، ولا يكون لأحد فعل ما إلا بإذنه كذلك ، فالأمر كله له دائماً ، لكن اسمه الظاهر هناك ظاهر-{[72089]} واسمه الباطن هذا مقرر لموجبات الغروروسار .

ولما كان التقدير : فلا أمر لأحد من الخلق أصلاً ، لا-{[72090]} ظاهراً ولا باطناً ، عطف عليه قوله : { والأمر } أي كله { يومئذ } أي إذ كان البعث للجزاء { لله * } أي مختص به لا يشاركه فيه-{[72091]} مشارك ظاهراً كما أنه لا يشاركه فيه باطناً ، ويحصل هناك{[72092]} الكشف الكلي فلا يدعي أحد لأحد أمراً{[72093]} من الأمور بغير إذن ظاهر خاص ، وتصير المعارف بذلك ضرورية ، فلذلك كان الانفطار والزلازل الكبار ، والإحصاء لجميع الأعمال الصغار والكبار ، وقد رجع أخرها كما ترى إلى أولها ، والتف{[72094]} مفصلها بموصلها{[72095]} - {[72096]}والله الهادي للصواب{[72097]} .


[72081]:من ظ و م، وفي الأصل: انضمت.
[72082]:من ظ و م، وفي الأصل: قصد.
[72083]:من ظ و م، وفي الأصل: اليوم أو الليل.
[72084]:من ظ و م، وفي الأصل: اليوم أو الليل.
[72085]:من م، وفي الأصل و ظ: لإضافة.
[72086]:من ظ و م، وفي الأصل: ممكن.
[72087]:زيد في الأصل: أي شبء، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[72088]:في ظ: لا يظلمون.
[72089]:زيد من م.
[72090]:زيد من م.
[72091]:زيد من م.
[72092]:من م، وفي الأصل و ظ: هنا.
[72093]:من م، وفي الأصل و ظ: أمر.
[72094]:من ظ و م، وفي الأصل: ألتقا.
[72095]:من ظ و م، وفي الأصل: بمولها-كذا.
[72096]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[72097]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.