فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَوۡمَ لَا تَمۡلِكُ نَفۡسٞ لِّنَفۡسٖ شَيۡـٔٗاۖ وَٱلۡأَمۡرُ يَوۡمَئِذٖ لِّلَّهِ} (19)

ثم أخبر سبحانه عن اليوم فقال : { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } قرأ ابن كثير وأبو عمرو برفع : «يَوْمُ » على أنه بدل من { يوم الدين } ، أو خبر مبتدأ محذوف . وقرأ أبو عمرو في رواية : «يَوْمٌ » بالتنوين ، والقطع عن الإضافة . وقرأ الباقون بفتحه على أنها فتحة إعراب بتقدير : أعني أو أذكر ، فيكون مفعولاً به ، أو على أنها فتحة بناء لإضافته إلى الجملة على رأي الكوفيين ، وهو في محل رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أو على أنه بدل من يوم الدين . قال الزجاج : يجوز أن يكون في موضع رفع إلا أنه مبنيّ على الفتح لإضافته إلى قوله : { لاَ تَمْلِكُ } وما أضيف إلى غير المتمكن فقد يبنى على الفتح ، وإن كان في موضع رفع ، وهذا الذي ذكره إنما يجوز عند الخليل وسيبويه إذا كانت الإضافة إلى الفعل الماضي ، وأما إلى الفعل المستقبل فلا يجوز عندهما ، وقد وافق الزجاج على ذلك أبو علي الفارسي والفرّاء وغيرهما ، والمعنى : أنها لا تملك نفس من النفوس لنفس أخرى شيئًا من النفع أو الضرّ { والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } وحده لا يملك شيئًا من الأمر غيره كائناً ما كان . قال مقاتل : يعني لنفس كافرة شيئًا من المنفعة . قال قتادة : ليس ثم أحد يقضي شيئًا ، أو يصنع شيئًا إلا الله ربّ العالمين ، والمعنى : أن الله لا يملك أحداً في ذلك اليوم شيئًا من الأمور ، كما ملكهم في الدنيا ، ومثل هذا قوله : { لّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار } [ غافر : 16 ] .

/خ19