المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (4)

4- وإن يكذبك كفار قومك فيما جئتهم به من الهدى فاصبر عليهم ، فقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كُذِّبوا حتى انتصروا ، وإلى الله - وحده - ترجع الأمور كلها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (4)

4

يخاطب الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] :

( وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك ، وإلى الله ترجع الأمور ) . .

تلك هي الحقائق الكبرى واضحة بارزة ؛ فإن يكذبوك فلا عليك من التكذيب ، فلست بدعاً من الرسل : ( فقد كذبت رسل من قبلك )والأمر كله لله ، وإليه ترجع الأمور ، وما التبليغ والتكذيب إلا وسائل وأسباب . والعواقب متروكة لله وحده ، يدبر أمرها كيف يريد .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (4)

يقول : وإن يكذبك - يا محمد - هؤلاء المشركون بالله ويخالفوك فيما جئتهم به من التوحيد ، فلك فيمن سلف قبلك من الرسل أسوة ، فإنهم كذلك جاؤوا قومهم بالبينات وأمروهم بالتوحيد فكذبوهم وخالفوهم ، { وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ } أي : وسنجزيهم على ذلك أوفر الجزاء .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (4)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِن يُكَذّبُوكَ فَقَدْ كُذّبَتْ رُسُلٌ مّن قَبْلِكَ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الاُمُورُ * يَأَيّهَا النّاسُ إِنّ وَعْدَ اللّهِ حَقّ فَلاَ تَغُرّنّكُمُ الْحَيَاةُ الدّنْيَا وَلاَ يَغُرّنّكُمْ بِاللّهِ الْغَرُورُ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وإن يكذّبك يا محمد هؤلاء المشركون بالله من قومك فلا يحزننك ذاك ، ولا يعظم عليك ، فإن ذلك سنة أمثالهم من كفرة الأمم بالله ، من قبلهم ، وتكذيبهم رسل الله التي أرسلها إليهم من قبلك ، ولن يعدو مشركو قومك أن يكونوا مثلهم ، فيتبعوا في تكذيبك منهاجهم ، ويسلكوا سبيلهم وَإلى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ يقول تعالى ذكره : وإلى الله مرجع أمرك وأمرهم ، فمحلّ بهم العقوبة ، إن هم لم ينيبوا إلى طاعتنا في اتباعك ، والإقرار بنبوّتك ، وقبول ما دعوتهم إليه من النصيحة ، نظير ما أحللنا بنظرائهم من الأمم المكذّبة رسلها قبلك ، ومنجّيك وأتباعك من ذلك ، سنتنا بمن قبلك في رسلنا وأوليائنا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَإنْ يُكَذّبوكَ فَقَدْ كُذّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ يعزّي نبيه كما تسمعون .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (4)

عطف على جملة { اذكروا نعمت الله عليكم } [ فاطر : 3 ] أي وإن استمرّوا على انصرافهم عن قبول دعوتك ولم يشكروا النعمة ببعثك فلا عجب فقد كذب أقوام من قبلهم رسلاً من قبل . وهو انتقال من خطاب الناس إلى خطاب النبي صلى الله عليه وسلم لمناسبة جريان خطاب الناس على لسانه فهو مشاهد لخطابهم ، فلا جرم أن يوجه إليه الخطاب بعد توجيهه إليهم إذ المقام واحد كقوله تعالى : { يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك } [ يوسف : 29 ] .

وإذ قد أبان لهم الحجة على انفراد الله تعالى بالإِلهية حين خاطبهم بذلك نُقِلَ الإِخبار عن صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أنكروا قبوله منه فإنه لما استبان صدقه في ذلك بالحجة ناسب أن يُعرَّض إلى الذين كذبوه بمثل عاقبة الذين كذبوا الرسل من قبله وقد أدمج في خلال ذلك تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم على تكذيب قومه إياه بأنه لم يكن مقامه في ذلك دون مقام الرسل السابقين .

وجيء في هذا الشرط بحرف { إِنْ } الذي أصله أن يعلق به شرط غير مقطوع بوقوعه تنزيلاً لهم بعد ما قدمت إليهم الحجة على وحدانية الله المصدقة لما جاءهم به الرسول عليه الصلاة والسلام فكذبوه فيه ، منزلة من أيقن بصدق الرسول فلا يكون فرض استمرارهم على تكذيبه إلا كما يفرض المحال .

وهذا وجه إيثار الشرط هنا بالفعل المضارع الذي في حيّز الشرط يتمخض للاستقبال ، أي إن حدث منهم تكذيب بعد ما قرع أسماعهم من البراهين الدامغة .

والمذكور جواباً للشرط إنما هو سبب لجواب محذوف إذ التقدير : وإن يكذبوك فلا يحزنك تكذيبهم إذ قد كذبت رسل من قبلك فاستُغني بالسبب عن المسبب لدلالته عليه .

وإنما لم يعرّف { رسل } وجيء به منكّراً لما في التنكير من الدلالة على تعظيم أولئك الرسل زيادة على جانب صفة الرسالة من جانب كثرتهم وتنوع آيات صدقهم ومع ذلك كذبهم أقوامهم .

وعطف على هذه التسلية والتعريض ما هو كالتأكيد لهما والتذكير بعاقبة مضمونها بأن أمر المكذبين قد آل إلى لقائهم جزاء تكذيبهم من لدن الذي ترجع إليه الأمور كلها ، فكان أمر أولئك المكذبين وأمر أولئك الرسل في جملة عموم الأمور التي أرجعت إلى الله تعالى إذ لا تخرج أمورهم من نطاق عموم الأمور .

وقد اكتسبت هذه الجملة معنى التذييل بما فيها من العموم .

و { الأمور } جمع أمر وهو الشأن والحال ، أي إلى الله ترجع الأحوال كلها يتصرف فيها كيف يشاء ، فتكون الآية تهديداً للمكذبين وإنذاراً .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (4)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وإن يكذبوك} يعزي النبي صلى الله عليه وسلم ليصبر على تكذيبهم إياه {فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور} أمور العباد تصير إلى جل وعز في الآخرة.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإن يكذّبك يا محمد هؤلاء المشركون بالله من قومك فلا يحزننك ذاك، ولا يعظم عليك، فإن ذلك سنة أمثالهم من كفرة الأمم بالله، من قبلهم، وتكذيبهم رسل الله التي أرسلها إليهم من قبلك، ولن يعدو مشركو قومك أن يكونوا مثلهم، فيتبعوا في تكذيبك منهاجهم، ويسلكوا سبيلهم. "وَإلى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ "يقول تعالى ذكره: وإلى الله مرجع أمرك وأمرهم، فمحلّ بهم العقوبة، إن هم لم ينيبوا إلى طاعتنا في اتباعك، والإقرار بنبوّتك، وقبول ما دعوتهم إليه من النصيحة، نظير ما أحللنا بنظرائهم من الأمم المكذّبة رسلها قبلك، ومنجّيك وأتباعك من ذلك، سنتنا بمن قبلك في رسلنا وأوليائنا.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

... فإن قلت: ما وجه صحة جزاء الشرط؟ ومن حق الجزاء أن يتعقب الشرط وهذا سابق له، قلت: معناه: وإن يكذبوك فتأس بتكذيب الرسل من قبلك، فوضع: {فَقَدْ كُذّبَتْ رُسُلٌ مّن قَبْلِكَ} موضع: فتأس، استغناء بالسبب عن المسبب: أعني بالتكذيب عن التأسي.

فإن قلت: ما معنى التنكير في رسل؟ قلت: معناه فقد كذبت رسل، أي رسل ذوو عدد كثير. وأولوا آيات ونذر. وأهل أعمار طوال وأصحاب صبر وعزم، وما أشبه ذلك وهذا أسلى له، وأحثّ على المصابرة...

وفي هذا إشارة للحكماء وأرباب القلوب مع العوام والأجانب من هذه الطريقة فإنهم لا يقبلون منهم إلا القليل، وأهل الحقائق أبداً منهم في مقاساة الأذية، والعوام أقرب إلى هذه الطريقة من القراء المتقشفين. ولما كان التقدير نفياً للتعجب من التكذيب الجاري على غير قياس صحيح: فمن الله الذي لا أمر لأحد معه تصدر الأمور، عطف عليه قوله مهدداً لمن خالف أمره: {وإلى الله} أي وحده لأن له الأمور كلها.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

ثم لما بين الأصل الأول: وهو التوحيد، ذكر الأصل الثاني: وهو الرسالة فقال تعالى: {وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك}.

ثم بين من حيث الإجمال أن المكذب في العذاب. والمكذب له الثواب بقوله تعالى: {وإلى الله ترجع الأمور} ثم بين الأصل الثالث: وهو الحشر...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{كذبت رسل} أي يا لهم من رسل! وبني الفعل للمجهول لأن التسلية محطها، وقوع التكذيب لا تعيين المكذب، ونفى أن يرسل غيره بعد وجوده بقوله: {من قبلك} وأفرد التكذيب بالذكر اهتاماً بالتسلية، تنبيهاً على أن الأكثر يكذب.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

انتهى المقطع الأول من السورة بتلك الإيقاعات الثلاثة العميقة، بتلك الحقائق الكبيرة الأصيلة:حقيقة وحدانية الخالق المبدع. وحقيقة الاختصاص بالرحمة. وحقيقة الانفراد بالرزق.

وفي المقطع الثاني يتجه أولاً إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالتسلية والتسرية عن تكذيبهم له، ويرجع الأمر كله إلى الله. ويتجه ثانياً إلى الناس يهتف بهم:إن وعد الله حق، ويحذرهم لعب الشيطان بهم ليخدعهم عن تلك الحقائق الكبرى، ويذهب بهم إلى السعير -وهو عدوهم الأصيل- ويكشف لهم عن جزاء المؤمنين وجزاء المخدوعين بالعدو الأصيل! ويتجه أخيراً إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] ألا يأسى عليهم وتذهب نفسه حسرات فإن الهدى والضلال بيد الله. والله عليم بما يصنعون.

يخاطب الرسول [صلى الله عليه وسلم]:

(وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك، وإلى الله ترجع الأمور)..

تلك هي الحقائق الكبرى واضحة بارزة؛ فإن يكذبوك فلا عليك من التكذيب، فلست بدعاً من الرسل: (فقد كذبت رسل من قبلك) والأمر كله لله، وإليه ترجع الأمور، وما التبليغ والتكذيب إلا وسائل وأسباب. والعواقب متروكة لله وحده، يدبر أمرها كيف يريد.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

انتقال من خطاب الناس إلى خطاب النبي صلى الله عليه وسلم لمناسبة جريان خطاب الناس على لسانه فهو مشاهد لخطابهم.

وإذ قد أبان لهم الحجة على انفراد الله تعالى بالإِلهية حين خاطبهم بذلك نُقِلَ الإِخبار عن صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أنكروا قبوله منه، فإنه لما استبان صدقه في ذلك بالحجة، ناسب أن يُعرَّض إلى الذين كذبوه بمثل عاقبة الذين كذبوا الرسل من قبله، وقد أدمج في خلال ذلك تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم على تكذيب قومه إياه، بأنه لم يكن مقامه في ذلك دون مقام الرسل السابقين.

وجيء في هذا الشرط بحرف {إِنْ} الذي أصله أن يعلق به شرط غير مقطوع بوقوعه، تنزيلاً لهم بعد ما قدمت إليهم الحجة على وحدانية الله المصدقة لما جاءهم به الرسول عليه الصلاة والسلام فكذبوه فيه، منزلة من أيقن بصدق الرسول فلا يكون فرض استمرارهم على تكذيبه إلا كما يفرض المحال. وهذا وجه إيثار الشرط هنا بالفعل المضارع الذي في حيّز الشرط يتمخض للاستقبال، أي إن حدث منهم تكذيب بعد ما قرع أسماعهم من البراهين الدامغة.

وإنما لم يعرّف {رسل} وجيء به منكّراً لما في التنكير من الدلالة على تعظيم أولئك الرسل، زيادة على جانب صفة الرسالة من جانب كثرتهم وتنوع آيات صدقهم، ومع ذلك كذبهم أقوامهم.

وعطف على هذه التسلية والتعريض ما هو كالتأكيد لهما والتذكير بعاقبة مضمونها، بأن أمر المكذبين قد آل إلى لقائهم جزاء تكذيبهم من لدن الذي ترجع إليه الأمور كلها، فكان أمر أولئك المكذبين وأمر أولئك الرسل في جملة عموم الأمور التي أرجعت إلى الله تعالى، إذ لا تخرج أمورهم من نطاق عموم الأمور.

وقد اكتسبت هذه الجملة معنى التذييل بما فيها من العموم.

{الأمور} جمع أمر وهو الشأن والحال، أي إلى الله ترجع الأحوال كلها يتصرف فيها كيف يشاء، فتكون الآية تهديداً للمكذبين وإنذاراً...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

في البداية تقدّم الآيات للرسول درس الاستقامة على الصراط السوي، والذي هو أهمّ الدروس له، فتقول الآية الكريمة: (وإن يكذّبوك فقد كذبت رسل من قبلك) فهؤلاء الرسل الذين سبقوك قاوموا، ولم يهدأ لهم بال في أداء رسالتهم، وأنت أيضاً يجب أن تقف بصلابة، وتؤدّي رسالتك، والبقية بعهدة الله.