كل شرب محتضر : كل نصيب من الماء يحضره صاحبه في نوبته .
28- { وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ } .
أخبرهم يا صالح أن ماء قريتهم من البئر ، أو من النُّهير الذي يشربون منه ، قسمة بينهم وبين الناقة .
كل نصيب خاص بصاحبه يحضره دون غيره ، وما تشربه الناقة من الماء تُحيله إلى لبن خالص ، وتقف عند كل باب من أبواب المدينة ليحلبوا من لبنها ، وطالت المدّة ، وملُّوا اللبن والسعادة ، فنادوا صاحبهم قدار بن سالف عاقر الناقة .
{ ونبئهم أن الماء قسمة بينهم } أي مقسوم بينهم وبين الناقة : لهم يوم لا تشاركهم فيه ، ولها يوم لا يشاركونها فيه ؛ كما قال تعالى : " لها شرب ولكم شرب يوم معلوم " {[339]} . { كل شرب محتضر } أي كل نصيب من الماء يحضره من هو له . فالناقة تحضر الماء يوما ، وهم يحضرونه يوما آخر .
{ ونبئهم أن الماء قسمة بينهم } : أي ماء بئرهم مقسوم بينهم وبين الناقة فيوم لها ويوم لهُم .
{ كل شرب محتضر } : أي كل نصيب من الماء يحضره قومه المختصون به الناقة أو ثمود .
ونبئهم أي أخبرهم بأمرنا أن الماء ماء بئرهم الذي يشربون منه قسمة بينهم أي مقسوم بينهم للناقة يوم وللقبيلة يوم ، وقوله كل شرب محتضر أي كل نصيب خاص بصاحبه يحضره دون غيره . وما تشربه الناقة من الماء نحيله إلى لبن خالص وتقف عند كل باب من أبواب المدينة ليحلبوا من لبنها وطالت المدة وملوا اللبن والسعادة .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{ونبئهم أن الماء قسمة} يوم للناقة ويوم لأهل القرية {بينهم كل شرب محتضر} يعني اليوم والناقة، يقول: إذا كان يوم الناقة حضرت شربها، وإذا كان يومهم حضروا شربهم.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"ونَبّئْهُمْ أنّ الماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ "يقول تعالى ذكره: نبئهم: أخبرهم أن الماء قسمة بينهم، يوم غِبّ الناقة، وذلك أنها كانت ترد الماء يوما، وتغِبّ يوما، فقال جلّ ثناؤه لصالح: أخبر قومك من ثمود أن الماء يوم غبّ الناقة قسمة بينهم، فكانوا يقتسمون ذلك يوم غبها، فيشربون منه ذلك اليوم، ويتزوّدون فيه منه ليوم ورودها.
وقد وجه تأويل ذلك قوم إلى أن الماء قسمة بينهم وبين الناقة يوما لهم ويوما لها، وأنه إنما قيل بينهم، والمعنى: ما ذكرت عندهم، لأن العرب إذا أرادت الخبر عن فعل جماعة بني آدم مختلطا بهم البهائم، جعلوا الفعل خارجا مخرج فعل جماعة بني آدم، لتغليبهم فعل بني آدم على فعل البهائم.
وقوله: "كُل شِرْب مُحْتَضَرٌ" يقول تعالى ذكره: كلّ شرب من ماء يوم غبّ الناقة، ومن لبن يوم ورودها محتضر يحتضرونه... عن مجاهد، في قوله: "كُلّ شِرْب مُحْتَضَر" قال: يحضرون بهم الماء إذا غابت، وإذا جاءت حضروا اللبن.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
ثم أمره بأن يخبر ثمود {أن الماء قسمة بينهم}: و {الماء}: هو ماء البئر التي كانت لهم، واختلف المتأولون في معنى هذه القسمة، فقال جمهور منهم {قسمة بينهم}: و {الماء}: هو ماء البئر التي كانت لهم، واختلف المتأولون في معنى هذه القسمة، فقال جمهور منهم {قسمة بينهم}: يتواسونه في اليوم الذي لا ترده الناقة وذلك فيما روي أن الناقة كانت ترد البئر غباً، وتحتاج جميع مائه يومها، فنهاهم الله عن أن يستأثر أهل اليوم الذي لا ترد الناقة فيه بيومهم، وأمرهم بالتواسي مع الذين ترد الناقة في يومهم. وقال آخرون معناه: الماء بين جميعهم وبين الناقة قسمة. و: {محتضر} معناه: محضور مشهود متواسىً فيه، وقال مجاهد المعنى: {كل شرب} أي من الماء يوماً ومن لبن الناقة يوماً {محتضر} لهم، فكأنه أنبأهم الله عليهم في ذلك.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وأخبر عن الماء بأنه {قسمة}. والمراد مقسوم فهو من الإِخبار بالمصدر للتأكيد والمبالغة.
{ ونبئهم } أي أخبرهم إخباراً عظيماً بأمر عظيم ، وهو أن الماء الذي يشربونه وهو ماء بئرهم { أن الماء قسمة بينهم } أي بين ثمود وبين الناقة ، غلب عليها ضمير من يعقل ، يعني إذا بعثناها كان لهم يوم لا تشاركهم فيه في الماء ، ولها يوم لا تدع في البئر قطرة يأخذها أحد منهم ، وتوسع الكل بدل الماء لبناً . ولما أخبر بتوزيع الماء ، أعلم أنه على وجه غريب بقوله استئنافاً : { كل شرب } أي من ذلك وحظ منه ومورد البرو وقت يشرب فيه { محتضر * } أي أهل لما فيه من الأمر العجيب أن يحضره الحاضرون حضوراً عظيماً ، وتتكلف أنفسهم لذلك لأنه صار في كثرته وحسنه كماء الحاضرة للبادية وتأهل لأن تعارضه حاضروه من حسنه ويرجعوا إليه وأن يجتمع عليه الكثير ويعودوا أنفسهم عليه .
قوله : { ونبئهم أن الماء قسمة بينهم } أي أخبرهم أن الماء مقسوم بينهم وبين الناقة فلهم يوم يشربون فيه الماء ، ولها يوم تشربه كذلك . أي لها شرب يوم ولهم شرب يوم . قال ابن عباس في تأويل ذلك : كان يوم شربهم لا تشرب الناقة شيئا من الماء وتسقيهم لبنا وكانوا في نعيم . وإذا كان يوم الناقة . شربت الماء كله فلم تبق لهم شيئا .
قوله : { كل شرب محتضر } الشرب ، بكسر الشين ، أي الحظ من الماء{[4407]} والمعنى : أنه يحضر الماء من هو له ، فتحضره الناقة يوم وردها وتغيب عنهم يوم وردهم . وقيل : يحضرون الماء في نوبتهم ويحضرون اللبن في نوبتها فيشربونه .