السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَنَبِّئۡهُمۡ أَنَّ ٱلۡمَآءَ قِسۡمَةُۢ بَيۡنَهُمۡۖ كُلُّ شِرۡبٖ مُّحۡتَضَرٞ} (28)

{ ونبئهم } أي : أخبرهم إخباراً عظيماً بأمر عظيم وهو { أن الماء } أي : الذي يشربونه وهو ماء بئرهم { قسمة بينهم } أي : بين قوم صالح عليه السلام والناقة فغلَّب العاقل عليها ، والمعنى أنا إذا بعثناها كان لهم يوم لا تشاركهم فيه ، ولها يوم لا تدع في البئر قطرة يأخذها أحد منهم وتوسع الكل بدل الماء لبنا .

{ كل شرب } أي : نصيب من الماء { محتضر } أي : فالناقة تحضر الماء يوم وردها وتغيب عنهم يوم ورودهم قاله : مقاتل ، وقال مجاهد : إن ثمود يحضرون الماء يوم غيبها فيشربون ، ويحضرون اللبن يوم وردها فيحتلبون .

تنبيه : الحكمة في قسمة الماء إمّا لأنّ الناقة عظيمة الخلق فتنفر منها حيواناتهم فكان يوم للناقة ويوم لهم ، وإمّا لقلة الماء فلا يحملهم ، وإمّا لأنّ الماء كان مقسوماً بينهم لكل فريق يوم ، فيوم ورد الناقة على هؤلاء يرجعون على الآخرين وكذلك الآخرون فيكون النقصان على الكل ، ولا تختص الناقة بجميع الماء ، روي أنهم كانوا يكتفون في يوم وردها بلبنها ، وليس في الآية إلا القسمة دون كيفيتها وظاهر قوله تعالى : { كل شرب محتضر } يعضد الوجه الثالث ، وحضر واحتضر بمعنى واحد .