القول في تأويل قوله تعالى : { كَذَلِكَ وَزَوّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكلّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاّ الْمَوْتَةَ الاُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلاً مّن رّبّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } .
يقول تعالى ذكره : كما أعطينا هؤلاء المتقين في الاخرة من الكرامة بإدخالناهم الجنات ، وإلباسناهم فيها السندس والإستبرق ، كذلك أكرمناهم بأن زوّجناهم أيضا فيها حورا من النساء ، وهن النقيات البياض ، واحدتهنّ : حَوْراء . وكان مجاهد يقول في معنى الحُور ، ما :
حدثني به محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وزَوّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ قال : أنكحناهم حورا . قال : والحُور : اللاتي يحار فيهنّ الطرف بادٍ مُخّ سوقهنّ من وراء ثيابهنّ ، ويرى الناظر وجهه في كبد إحداهنّ كالمرآة من رقة الجلد ، وصفاء اللون ، وهذا الذي قاله مجاهد من أن الحور إنما معناها : أنه يحار فيها الطرف ، قول لا معنى له في كلام العرب ، لأن الحُور إنما هو جمع حوراء ، كالحمر جمع حمراء ، والسود : جمع سوداء ، والحوراء إنما هي فعلاء من الحور وهو نقاء البياض ، كما قيل للنقيّ البياض من الطعام الحُوّاري . وقد بيّنا معنى ذلك بشواهده فيما مضى قبل . وبنحو الذي قلنا في معنى ذلك قال سائر أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : كَذَلكَ وَزَوّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ قال : بيضاء عيناء ، قال : وفي قراءة ابن مسعود «بعِيسٍ عِينٍ » .
حدثنا بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : بِحُورٍ عِينٍ قال : بيض عين ، قال : وفي حرف ابن مسعود «بعِيسٍ عِينٍ » . وقرأ ابن مسعود هذه ، يعني أن معنى الحور غير الذي ذهب إليه مجاهد ، لأن العيس عند العرب جمع عيساء ، وهي البيضاء من الإبل ، كما قال الأعشي :
وَمَهْمَةً نازِحٍ تَعْوِي الذّئابُ بِهِ *** كَلّفْتُ أَعْيَسَ تَحْتَ الرّحْلِ نَعّابا
يعني بالأعيس : جملاً أبيض . فأما العين فإنها جمع عيناء ، وهي العظيمة العينين من النساء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.