34- ولقد قوبل رسل من قبلك بالتكذيب والإيذاء من أقوامهم ، كما فعل معك قومك ، فصبروا على التكذيب والإيذاء حتى نصرناهم ، فاصبر كما صبروا حتى يأتيك نصرنا ، ولا مغير لوعد الله بنصر الصابرين ، فلا بد من تحققه . ولقد قصصنا عليك من أخبار هؤلاء الرسل وتأييدنا لهم ، ما فيه تسلية لك ، وما توجبه الرسالة من تحمل الشدائد .
هذه الآية تضمنت عرض الأسوة التي ينبغي الاقتداء بها على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وترجيته أن يأتيه مثل ما أتاهم من النصر إذا امتثل ما امتثلوه من الصبر ، قال الضحاك وابن جريج :
عزى الله بهذه الآية نبيه ، وروي عن ابن عامر أنه قرأ «وأذوا » بغير واو بعد الهمزة ، ثم قوى ذلك الرجاء بقوله : { ولا مبدل لكلمات الله } أي لا راد لأمره وكلماته السابقات بما يكون ولا مكذب لما أخبر به ، فكأن المعنى فاصبر كما صبروا وانتظر ما يأتي ، وثق بهذا الإخبار فإنه لا مبدل له ، فالقصد هنا هذا الخبر ، وجاء اللفظ عاماً جميع كلمات الله السابقات ، وأما كلام الله عز وجل في التوراة والإنجيل فمذهب ابن عباس أنه لا مبدل لها وإنما حرفها اليهود بالتأويل لا ببدل حروف وألفاظ ، وجوز كثير من العلماء أن يكونوا بدلوا الألفاظ لأنهم استحفظوها وهو الأظهر ، وأما القرآن فإن الله تعالى تضمن حفظه فلا يجوز فيه التبديل ، قال الله تعالى : { وإنا له لحافظون }{[4897]} وقال في أولئك { بما استحفظوا من كتاب الله }{[4898]} وقوله تعالى : { ولقد جاءك من نبأ المرسلين } أي فيما أنزلناه وقصصناه عليك ما يقضي هذا الذي أخبرناك به ، وفاعل { جاءك } مضمر على ما ذهب إليه الطبري والرماني ، تقديره : ولقد جاءك نبأ أو أنباء .
قال القاضي أبو محمد : والثواب عندي في المعنى أن يقدر : جلاء أو بيان{[4899]} . وقال أبو علي الفارسي : قوله { من نبأ المرسلين } ، في موضع رفع ب «جاء » ، ودخل حرف الجر على الفاعل ، وهذا على مذهب الأخفش في تجويزه دخول ( من ) في الواجب ، ووجه قول الرماني أن ( من ) لا تزاد في الواجب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.