فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰٓ أَتَىٰهُمۡ نَصۡرُنَاۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ وَلَقَدۡ جَآءَكَ مِن نَّبَإِيْ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (34)

{ ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأي المرسلين 34 وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين 35 * إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون 36 } .

{ ولقد كذبت رسل من قبلك } هذا من جملة التسلية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذلك لأن عموم البلوى مما يهون أمرها بعض تهوين وتصدير الكلمة بالقسم لتأكيد التسلية أي : إن هذا الذي وقع من هؤلاء إليك ليس هو بأول ما صنعه الكفار مع من أرسله الله إليهم ، بل قد وقع التكذيب لكثير من الرسل المرسلين من قبلك .

{ فصبروا على ما كذبوا } أي على تكذيب قومهم إياهم { وأوذوا } أي وصبروا على أذاهم { حتى أتاهم نصرنا } بإهلاك من كذبهم ، والظاهر أن هذه الغاية متعلقة بقوله فصبروا أي كان غاية صبرهم نصر الله إياهم .

وفيه التفات من ضمير الغيبة إلى التكلم إذ قبله بآيات الله فلو جاء على ذلك لقيل نصره وفائدة الالتفات إسناد النصر إلى المتكلم المشعر بالعظمة أي فاقتد بهم ولا تحزن ، واصبر كما صبروا حتى يأتيك نصرنا كما أتاهم فإنا لا نخلف الميعاد ، ولكل أجل كتاب [ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا ] [ ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون ] [ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ] .

{ ولا مبدل لكلمات الله } بل وعده كائن وأنت منصور على المكذبين ظاهر عليهم وقد كان ذلك ولله الحمد { ولقد جاءك من نبأ المرسلين } ما جاءك من تجرئ قومهم عليهم في الابتداء وتكذيبهم لهم ثم نصرهم عليهم في الانتهاء وأنت ستكون عاقبة هؤلاء المكذبين لك كعاقبة المكذبين للرسل فيرجعون إليك ويدخلون إليك ويدخلون في الدين الذي تدعوهم إليه طوعا أو كرها .

وهذه جملة قسمية جيء بها لتحقيق ما منحوا من النصر ، وتأكيد ما في ضمنه من الوعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لتقرير جميع ما ذكر من تكذيب الأمم وما ترتب عليه من الأمور ، قال الأخفش : من هنا صلة أي زائدة ، وقال غيره بل هي للتبعيض عليه من الأمور ، قال الأخفش : من هنا صلة أي زائدة ، وقال غيره بل هي للتبعيض لأن الواصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قصص بعض الأنبياء وأخبارهم ، وسيبويه لا يجيز زيادتها في الواجب .