التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَلَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰٓ أَتَىٰهُمۡ نَصۡرُنَاۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ وَلَقَدۡ جَآءَكَ مِن نَّبَإِيْ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (34)

قوله تعالى : { ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتهم نصرنا } فهذه تسلية من الله وتعزية لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم لما أصابه من المساءة بتكذيب المشركين له . وهو إن يكذبه قومه فما ينبغي له أن يأسى ويحزن بل عليه أن يحتمل ويصبر على أذاهم وتكذيبهم حتى يأتي نصر الله المحقق الموعود ، وله في ذلك أسوة في إخوانه المرسلين الذين خلوا من قبله فقد كذبتهم أممهم فصبروا على تكذيبهم ولم يثنهم ذلك عن المضي لأمر الله بل إنهم ثبتوا على الحق ومضوا عليه دعاة إلى الله من غير أن تنال من هممهم المكاره والمعوقات أو تردهم المكائد والعراقيل عن الصدع بأمر الله .

قوله : { ولا مبدل لكلمت الله } المراد بكلمات الله وعده لنبيه بالنصر على المشركين الظالمين . فالله يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم مؤيدا له ومثبتا أنه لن يقدر أحد أن يدفع ما كتبه الله لك من النصر الموعود . فالله جلت قدرته لا يخلف وعده وليس من أحد ينقض قضاءه . وكفى بالله أن يقول في مثل هذا الموقف { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي } وكذلك قوله : { وإن جندنا لهم الغلبون } .

قوله : { ولقد جاءك من نبإى المرسلين } أي جاءك من أنباء من سبقك من المرسلين وأنباء أممهم وما صنع الله بهم حين جحدوا وتمادوا في الغي والضلال فحاق بهم البلاء والتدمير ، ونجى الله رسله الكرام وأيدهم بنصره المبين ، فاقتد أنت بهم في صبرهم على الأذى من قومهم يكن الله معك ويجعل العاقبة لك ، وللمتقين الصابرين .