فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰٓ أَتَىٰهُمۡ نَصۡرُنَاۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ وَلَقَدۡ جَآءَكَ مِن نَّبَإِيْ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (34)

قوله : { وَلَقَدْ كُذّبَتْ رُسُل مّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ على مَا كُذّبُواْ وَأُوذُواْ حتى أتاهم نَصْرُنَا } هذا من جملة التسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي أن هذا الذي وقع من هؤلاء إليك ليس هو بأوّل ما صنعه الكفار مع من أرسله الله إليهم ، بل قد وقع التكذيب لكثير من الرسل المرسلين من قبلك ، فاقتد بهم ولا تحزن واصبر كما صبروا على ما كذبوا به ، وأوذوا ، حتى يأتيك نصرنا كما أتاهم فإنا لا نخلف الميعاد و{ لِكُلّ أَجَلٍ كِتَاب } { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا والذين آمَنُواْ } { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المرسلين إِنَّهُمْ لَهُمُ المنصورون وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغالبون } { كَتَبَ الله لأغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي } { وَلاَ مُبَدّلَ لكلمات الله } بل وعده كائن ، وأنت منصور على المكذبين ، ظاهر عليهم . وقد كان ذلك ولله الحمد . { وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ المرسلين } ما جاءك من تجرّي قومهم عليهم في الابتداء ، وتكذيبهم لهم ، ثم نصرهم عليهم في الانتهاء ، وأنت ستكون عاقبة هؤلاء المكذبين لك كعاقبة المكذبين للرسل ، فيرجعون إليك ويدخلون في الدين الذي تدعوهم إليه طوعاً أو كرهاً .

/خ36