26 - ردعاً لكم عن حب الدنيا التي تفارقونها إذا بلغت الروح عظام النحر ، وقال الحاضرون بعضهم لبعض : هل من راق يرقيه مما به ؟ وظن المحتضر أن الذي نزل به هو فراق الدنيا المحبوبة ، وبلغت به الشدة أقصاها ، والتوت إحدى الساقين على الأخرى عند نزع الروح ، إلى ربك يومئذٍ مساق العباد ، إما إلى الجنة وإما إلى النار .
واختلف في معنى قوله { والتفت الساق بالساق } ، فقال ابن عباس والحسن والربيع بن أنس وإسماعيل بن أبي خالد هذه استعارة لشدة كرب الدنيا في آخر يوم منها وشدة كرب الآخرة في أول يوم منها لأنه بين الحالين قد أختلطا له ، وهذا كما تقول شمرت الحرب عن ساق{[11484]} ، وعلى بعض التأويلات في قوله تعالى :
{ يوم يكشف عن ساق }{[11485]} [ القلم : 42 ] وقال ابن المسيب والحسن : هي حقيقة ، والمراد ساق الميت عند تكفينه أي لفهما الكفن ، وقال الشعبي وأبو مالك وقتادة : هو التفافهما بشدة المرض لأنه يقبض ويبسط ويركب هذا على هذا ، وقال الضحاك : المراد أسوق حاضريه من الإنس والملائكة لأن هؤلاء يجهزون روحه إلى السماء وهؤلاء بدنه إلى قبره .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
يعني التف أمر الدنيا بالآخرة، فصار واحدا كلاهما.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك؛
فقال بعضهم: معنى ذلك: والتفّت شدّة أمر الدنيا بشدّة أمر الآخرة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: التفّت ساقا الميت إذا لفتا في الكفن.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: التفاف ساقي الميت عند الموت.
وقال آخرون: عُنِيَ بذلك يبسهما عند الموت.
وقال آخرون: معنى ذلك: والتفّ أمر بأمر.
وقال آخرون: بل عنى بذلك: والتفّ بلاء ببلاء.
وأولى الأقوال في ذلك بالصحة عندي قول من قال: معنى ذلك: والتفّت ساق الدنيا بساق الآخرة، وذلك شدّة كرب الموت بشدّة هول المطلع، والذي يدّل على أن ذلك تأويله، قوله:"إلى رَبّكَ يَوْمَئِذٍ المَساقُ"، والعرب تقول لكلّ أمر اشتدّ: قد شمرّ عن ساقه، وكشف عن ساقه.
المراد بقوله: {والتفت الساق بالساق} أي التفت شدة مفارقة الدنيا ولذاتها وشدة الذهاب، أو التفت شدة ترك الأهل، وترك الولد، وترك المال، وترك الجاه، وشدة شماتة الأعداء، وغم الأولياء، وبالجملة فالشدائد هناك كثيرة، كشدة الذهاب إلى الآخرة والقدوم على الله، أو التفت شدة ترك الأحباب والأولياء، وشدة الذهاب إلى دار الغربة.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.