السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱلۡتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ} (29)

{ والتفت الساق بالساق } أي : اجتمعت إحداهما بالأخرى إذ الالتفاف الاجتماع ، قال تعالى : { جئنا بكم لفيفاً } [ الإسراء : 104 ] ومعنى الكلام اتصلت شدة آخر الدنيا بشدة أول الآخرة ، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والحسن وغيرهما . وقال الشعبي : التفت ساق الإنسان عند الموت من شدة الكرب . قال قتادة : أما رأيته إذا أشرف على الموت يضرب برجله على الأخرى ، وقال سعيد بن المسيب : هما ساقا الإنسان إذا التفتا في الكفن . وقال زيد بن أسلم : التفت ساق الكفن بساق الميت . وقال الضحاك : الناس يجهزون جسده والملائكة يجهزون روحه . وقال السدي : لا يخرج من كرب إلا جاءه أشد منه ، وأول الأقوال كما قال النحاس : أحسنها ، والعرب لا تذكر الساق إلا في الشدائد والمحن العظام ، ومنه قولهم قامت الحرب على ساق ، قال أهل المعاني : لأنّ الإنسان إذا دهمته شدة شمر لها عن ساقيه ، فقيل للأمر الشديد : ساق . قال الجعدي :

أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها *** وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا