اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱلۡتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ} (29)

قوله تعالى : { والتفت الساق بالساق } . الالتفاف هو الاجتماع ، قال تعالى : { جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } [ الإسراء : 104 ] ومعنى الكلام : اتصلت الشدة بالشدة ، شدة آخر الدنيا بشدة أول الآخرة . قاله ابن عباس والحسن وغيرهما{[58740]} .

وقال الشعبي وغيره : التفت ساقا الإنسان عند الموت من شدة الكربِ{[58741]} .

قال قتادة : أما رأيته إذا أشرف على الموت يضرب برجله على الأخرى{[58742]} .

وقال سعيد بن المسيب والحسن أيضاً : هما ساقا الإنسان إذا التفتا في الكفنِ{[58743]} .

وقال زيد بن أسلم : التفت ساق الكفن بساق الميت{[58744]} .

قال النحاس : القول الأول أحسنها ، لقول ابن عباس : هو آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة فتلتقي الشدة بالشدة إلا من رحم الله{[58745]} ، والعرب لا تذكر الساق إلا في الشدائد والمحنِ العظام ، ومنه قولهم : قامت الحرب على ساقٍ .

قال أهل المعاني : إن الإنسان إذا دهمته شدة شمَّر لها عن ساقيه ، فقيل للأمر الشديد : ساق ، قال الجعديُّ : [ الطويل ]

5007 -أخُو الحَرْبِ إنْ عَضَّتْ بِهِ الحَرْبُ عَضَّهَا***وإنْ شَمَّرتْ عَنْ سَاقهَا الحَرْبُ شَمَّرَا{[58746]}


[58740]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/347) عن ابن عباس والحسن ومجاهد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/478) عن ابن عباس وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم، وعن مجاهد وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وذكره عن الحسن وعزاه إلى عبد بن حميد.
[58741]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/348) عن الشعبي.
[58742]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/349) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/478) وعزاه إلى ابن المنذر.
[58743]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/348) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/478) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
[58744]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (19/73).
[58745]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/347) عن ابن عباس وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/478) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
[58746]:تقدم.