الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَٱلۡتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ} (29)

{ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ } قال الربيع بن أنس : الدنيا بالآخرة ، وهي رواية أبي الجوزاء وعطية عن ابن عباس ، ورواية عوف ومنصور عن الحسن ، وروى الوالي وبادان عن ابن عباس قال : أمر الدنيا بأمر الآخرة ، فكان في آخر يوم من أيام الدنيا ، وأول يوم من أيام الآخرة ، وهي رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد وقال : إسماعيل ابن أبي خالد : عمل الدنيا بعمل الآخرة ، وقال الضحاك : الناس يجهزون جسده والملائكة يجهزون روحه ، وروى سفيان عن رجل عن الحسن عن مجاهد قالا : اجتمع فيه الحياة والموت . قتادة : الشدّة بالشدّة . بشر بن المهاجر عن الحسن قال : هما ساقاك إذا لفّتا في الكفن ، وإليه ذهب سعيد بن المسيّب .

وأخبرنا عبد الله بن حامد قال : أخبرنا أبو محمد المزني قال : حدّثنا مطين قال : حدّثنا نصر بن علي فقال : حدّثنا خالد بن قيس عن قتادة عن الحسن قال : ماتت رجلاه ولم تحملاه وكان عليهما جوّالا ، وروى شعبة عن قتادة قال : أمر أتاه إذا ضرب برجله الأخرى . أبو مالك : يلبسهما عند الموت . عكرمة : خروج من الدنيا إلى الآخرة . أبو يحيى عن مجاهد : بلاء ببلاء . القرطبي : الأمر بالأمر . زيد بن أسلم : ساق الكفن بساق الميت . سعيد بن جبير : تتابعت عليه الشدائد . السدي : لا يخرج من كرب إلاّ جاءه أشدّ منه ، والعرب لا تذكر الساق إلاّ في المحن والشدائد ، ومنه مثلهم السائر : ( لا يرسل الساق إلاّ ممسكاً ساقاً ) ، وقال أميّه بن أبي الصلّت :

وقد أرقت لهمَ بات يطرقني *** والنفس ذات حزازات وطرّاق

مستجذ بالقراة حين *** آرقني ليل التمام أقاسيه على ساق

أي على تعب وشدة .

وقال ابن عطاء : اجتمع عليه شدّة مفارقة الوطن من الدنيا والأهل والولد وشدّة القدوم على ربّه لا يدري بماذا يقدم عليه لذلك قال عثمان بن عفان : ما رأيت منظراً إلاّ والقبر أفضع منه ؛ لأنّه آخر منازل الدنيا وأول منازل الآخرة ، وقال يحيى بن معاذ : إذا دخل الميت القبر قام على شفير قبره أربعة أملاك واحد عند رأسه والثاني عند رجليه والثالث عن يمينه والرابع عن يساره ، فيقول الذي عند رأسه : يا ابن آدم انفضّت الآجال وانقطعت الآمال ، ويقول الذي عن يمينه : ذهبت الأموال وبقيت الأعمال ، ويقول الذي عن يساره : ذهب الأشغال وبقي الوبال ، ويقول الذي عند رجليه : طوبى لك من كسبك إن كان كسبك من الحلال وكنت مشتغلاً بخدمة ذي الجلال .