التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{وَٱلۡتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ} (29)

وقوله : { والتفَّت الساقُ بالساق } إن حمل على ظاهره ، فالمعنى التفافُ ساقَي المحْتضر بعد موته إذ تُلَفُّ الأَكفان على ساقيْه ويُقرن بينهما في ثوب الكفن فكُلُّ ساق منهما ملتفة صحبةَ الساق الأخرى ، فالتعريف عوض عن المضاف إليه ، وهذا نهاية وصف الحالة التي تهيَّأ بها لمصيره إلى القبر الذي هو أول مراحل الآخرة .

ويجوز أن يَكون ذلك تمثيلاً فإن العرب يستعملون الساق مثلاً في الشدة وجِدّ الأمر تمثيلاً بساق الساعي أو الناهض لعمل عظيم ، يقولون : قامت الحرب على ساق .

وأنشد ابن عباس في قول الراجز :

صبرا عنـاق إنـه لـشـربـاق *** قد سن لي قومك ضرب الأعناق

وقامت الحرب بنا على ساق

وتقدم في قوله تعالى { يوم يكشف ساق } في سورة القلم .

فمعنى { والتفت الساق بالساق } طرأت مصيبة على مصيبة .