المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلشَّفَقِ} (16)

16- فأقسم قسما مؤكدا بحمرة الأفق بعد الغروب .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلشَّفَقِ} (16)

{ 16 - 25 } { فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ * فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ * وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ * فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ }

أقسم في هذا الموضع بآيات الليل ، فأقسم بالشفق الذي هو بقية نور الشمس ، الذي هو مفتتح الليل

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلشَّفَقِ} (16)

رُوي عن علي ، وابن عباس ، وعُبادة بن الصامت ، وأبي هُرَيرة ، وشداد بن أوس ، وابن عمر ، ومحمد بن علي بن الحسين ، ومكحول ، وبكر بن عبد الله المزني ، وبُكَيْر{[29886]} بن الأشج ، ومالك ، وابن أبي ذئب ، وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجَشُون أنهم قالوا : الشفق : الحمرة .

وقال عبد الرزاق ، عن مَعْمَر ، عن ابن خُثَيم{[29887]} عن ابن لبيبة ، عن أبي هُرَيرة قال : الشفق : البياض{[29888]} .

فالشفق هو : حمرة الأفق إما قبل طلوع الشمس - كما قاله مجاهد - وإما بعد غروبها - كما هو معروف{[29889]} عند أهل اللغة .

قال الخليل بن أحمد : الشفق : الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة ، فإذا ذهب قيل : غاب الشفق .

وقال الجوهري : الشفق : بقية ضوء الشمس وحمرتُها في أول الليل إلى قريب من العَتمَة . وكذا قال عكرمة : الشفق الذي يكون بين المغرب والعشاء .

وفي صحيح مسلم ، عن عبد الله بن عمرو ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " وقت المغرب ما لم يغب الشفق " {[29890]} .

ففي هذا كله دليل على أن الشفق هو كما قاله الجوهري والخليل . ولكن صح عن مجاهد أنه قال في هذه الآية : { فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ } هو النهار كله . وفي رواية عنه أيضا أنه قال : الشفق : الشمس . رواهما ابن أبي حاتم .

وإنما حمله على هذا قَرْنهُ بقوله تعالى : { وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ }


[29886]:- (1) في أ: "وبكر".
[29887]:- (2) في أ: "خيثم".
[29888]:- (3) تفسير عبد الرزاق (2/292).
[29889]:- (4) في م: "كما هو المعروف".
[29890]:- (5) صحيح مسلم برقم (612).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلشَّفَقِ} (16)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَلاَ أُقْسِمُ بِالشّفَقِ * وَاللّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتّسَقَ * لَتَرْكَبُنّ طَبَقاً عَن طَبقٍ * فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ } .

وهذا قَسَم أقسم ربنا بالشفق ، والشفق : الحمرة في الأفق من ناحية المغرب من الشمس في قول بعضهم .

واختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم : هو الحمرة كما قلنا ، وممن قال ذلك جماعة من أهل العراق . وقال آخرون : هو النهار . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسيّ ، قال : حدثنا محمد بن عبيد ، قال : حدثنا العوّام بن حَوْشَب ، قال : قلت لمجاهد : الشفق ، قال : لا تقل الشفق ، إنّ الشفق من الشمس ، ولكن قل : حمرة الأفق .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : الشّفق ، قال : النهار كله .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد فَلا أُقْسِمُ بالشّفَقِ قال : النهار .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

وقال آخرون : الشفَق : هو اسم للحمرة والبياض ، وقالوا : هو من الأضداد .

والصواب من القول في ذلك عندي : أن يقال : إن الله أقسم بالنهار مدبرا ، والليل مقبلاً . وأما الشفَق الذي تحُلّ به صلاة العشاء ، فإنه للحمرة عندنا ، للعلة التي قد بيّنّاها في كتابنا كتاب الصلاة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلشَّفَقِ} (16)

الفاء لتفريع القسم وجوابه ، على التفصيل الذي في قوله : { فأما من أوتى كتابه بيمينه } [ الانشقاق : 7 ] إلى هنا : فإنه اقتضى أن ثمة حساباً وجزاء بخير وشر فكان هذا التفريع فذلكة وحوصلة لما فصل من الأحوال وكان أيضاً جمعاً إجمالياً لما يعترض في ذلك من الأهوال .

وتقدم أن : « لا أقسم » يراد منه أُقسم ، وتقدم وجه القسم بهذه الأحوال والمخلوقات عند قوله : { فلا أقسم بالخنس } في سورة التكوير ( 15 ) .

ومناسبة الأمور المقسم بها هنا للمقسَم عليه لأنّ الشفق والليل والقمر تخالط أحوالاً بين الظلمة وظهور النور معها ، أو في خلالها ، وذلك مناسب لما في قوله : { لتركبن طبقاً عن طبق } من تفاوت الأحوال التي يختبط فيها الناس يومَ القيامة أو في حياتهم الدنيا ، أو من ظهور أحوال خير من خلال أحوال شَرّ أو انتظار تغير الأحوال إلى ما يرضيهم إن كان الخطاب للمسلمين خاصة كما سيأتي .

ولعل ذِكر الشفق إيماء إلى أنه يشبه حالة انتهاء الدنيا لأن غروب الشمس مِثْل حالة الموت ، وأن ذكر الليل إيماء إلى شدة الهول يوم الحساب وذكر القمر إيماء إلى حصول الرحمة للمؤمنين .

والشفق : اسم للحمرة التي تظهر في أفق مغرب الشمس أثر غروبها وهو ضياء من شعاع الشمس إذا حجبها عن عيون الناس بعضُ جرم الأرض ، واختلف في تسمية البياض الذي يكون عقب الاحمرار شفقاً .