المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيۡرٞ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُمۡ رَدۡمًا} (95)

95- فرد عليهم قائلا : إن ما منحنيه الله من الثروة والسلطان خير مما تعرضون علىّ . وشرع يُقيم السد طالباً منهم أن يعينوه بكل ما يقدرون عليه من رجال وأدوات ، ليحقق لهم ما أرادوا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيۡرٞ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُمۡ رَدۡمًا} (95)

{ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ ْ } أي : مما تبذلون لي وتعطوني ، وإنما أطلب منكم أن تعينوني بقوة منكم بأيديكم { أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ْ } أي : مانعا من عبورهم عليكم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيۡرٞ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُمۡ رَدۡمًا} (95)

فقال ذو القرنين بعفة وديانة وصلاح وقصد للخير : { مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ } أي : إن الذي أعطاني الله من الملك والتمكين{[18498]} خير لي من الذي تجمعونه ، كما قال سليمان عليه السلام : { أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } [ النمل : 36 ] وهكذا قال ذو القرنين : الذي أنا فيه خير من الذي تبذلونه ، ولكن ساعدوني { بِقُوَّةٍ } أي : بعملكم وآلات البناء ، { أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا } .


[18498]:في أ: "والتمكن".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيۡرٞ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُمۡ رَدۡمًا} (95)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ مَا مَكّنّي فِيهِ رَبّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً } .

يقول تعالى ذكره : قال ذو القرنين : الذي مكنني في عمل ما سألتموني من السدّ بينكم وبين هؤلاء القوم ربي ، ووطأه لي ، وقوّاني عليه ، خير من جُعلكم ، والأجرة التي تعرضونها عليّ لبناء ذلك ، وأكثر وأطيب ، ولكن أعينوني منكم بقوّة ، أعينوني بفَعلة وصناع يُحسنون البناء والعمل . كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ما مَكّنّي فِيهِ رَبّي خَيْرٌ فَأَعِينوني بقُوَةٍ قال : برجال أجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْما وقال ما مكني ، فأدغم إحدى النونين في الأخرى ، وإنما هو ما مكنني فيه . وقوله : أجعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْما يقول : أجعل بينكم وبين يأجوج ومأجوج ردما . والردم : حاجز الحائط والسدّ ، إلا أنه أمنع منه وأشدّ ، يقال منه : قد ردم فلان موضع كذا يَردِمه رَدْما ورُداما ويقال أيضا : رَدّم ثوبه يردمه ، وهو ثوب مُرَدّم : إذا كان كثير الرقاع ومنه قول عنترة :

هَلْ غادَرَ الشّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدّمِ *** أمْ هَلْ عَرَفْتَ الدّارَ بَعْدَ تَوَهّمِ

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : أجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْما قال : هو كأشدّ الحجاب .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : ذكر لنا أن رجلاً قال : يا نبيّ الله قد رأيت سدّ يأجوج ومأجوج ، قال : «انْعَتْهُ لي » ، قال : كأنه البرد المحّبر ، طريقة سوداء ، وطريقة حمراء ، قالَ : «قَدْ رأيَتَهُ » .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيۡرٞ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُمۡ رَدۡمًا} (95)

{ قال ما مكّني فيه ربي خير } ما جعلني فيه مكينا من المال والملك خير مما تبذلون لي من الخراج ولا حاجة بي إليه . وقرأ ابن كثير " مكنني " على الأصل . { فأعينوني بقوة } أي بقوة فعلة أو بما أتقوى به من الآلات . { أجعل بينكم وبينهم ردماً } حاجزا حصينا وهو أكبر من السد من قولهم ثوب مردم إذا كان رقاعا فوق رقاع .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيۡرٞ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُمۡ رَدۡمًا} (95)

قوله { ما مكَّنّي فِيه ربِّي خيرٌ } أي ما آتاني الله من المال والقوة خير من الخراج الذي عرضتموه أو خير من السد الذي سألتموه ، أي ما مكنني فيه ربي يأتي بخير مما سألتم ، فإنه لاح له أنه إن سد عليهم المرور من بين الصدفين تحيلوا فتسلقوا الجبال ودخلوا بلاد الصين ، فأراد أن يبني سُوراً ممتداً على الجبال في طول حدود البلاد حتى يتعذّر عليهم تسلق تلك الجبال ، ولذلك سمّاه رَدْماً .

والردم : البناء المردّم . شبه بالثوب المردّم المؤتلف من رقاع فوق رقاع ، أي سُداً مضاعفاً . ولعله بَنى جدارين متباعدين وردم الفراغ الذي بينهما بالتُراب المخلوط ليتعذر نقبه .

ولما كان ذلك يستدعي عملة كثيرين قال لهم : { فأعينوني بقوة } أي بقوّة الأبدان ، أراد تسخيرهم للعمل لدفع الضر عنهم .

وقد بنى ذو القرنين وهو ( تْسين شي هوانق تِي ) سلطان الصين هذا الردم بناء عجيباً في القرن الثالث قبل المسيح وكان يعمل فيه ملايين من الخَدمَة ، فجعل طوله ثلاثة آلاف وثلاثمائة كيلومتر . وبعضهم يقول : ألفا ومائتي ميل ، وذلك بحسب اختلاف الاصطلاح في تقدير الميل ، وجعل مبدأه عند البحر ، أي البحر الأصفر شرقي مدينة ( بيكنغ ) عاصمة الصين في خط تجاه مدينة ( مُكْدن ) الشهيرة . وذلك عند عرض 4 ، 540 شمالاً ، وطول 02 ، 512 شرقاً ، وهو يلاقي النهر الأصفر حيث الطول 50 ، 5111 شرقاً ، والعرض 50 ، 539 شمالاً ، وأيضاً في 375 عرض شمالي . ومن هنالك ينعطف إلى جهة الشمال الغربي وينتهي بقرب 599 طولاً شرقياً و540 عرضاً شمالياً .

وهو مبني بالحجارة والآجر وبعضه من الطين فقط .

وسمكه عند أسفله نحو 25 قدماً وعند أعلاه نحو 15 قدماً وارتفاعه يتراوح بين 15 إلى 20 قدماً ، وعليه أبراج مبنية من القراميد ارتفاع بعضها نحو 40 قدماً .

وهو الآن بحالة خراب فلم يبق له اعتبار من جهة الدفاع ، ولكنه بقي علامة على الحد الفاصل بين المقاطعات الأرضية فهو فاصل بين الصين ومنغوليا ، وهو يخترق جبال ( يابلوني ) التي هي حدود طبيعية بين الصين وبلاد منغوليا فمنتهى طرَفه إلى الشمال الغربي لصحراء ( قوبي ) .

وقرأ الجمهور { مَكَّنّي } بنون مدغمة ، وقرأه ابن كثير بالفك على الأصل .