المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ} (4)

4- ونوهنا باسمك ، فجعلناه مذكوراً على لسان كل مؤمن مقروناً باسمنا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ} (4)

{ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } أي : أعلينا قدرك ، وجعلنا لك الثناء الحسن العالي ، الذي لم يصل إليه أحد من الخلق ، فلا يذكر الله إلا ذكر معه رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما في الدخول في الإسلام ، وفي الأذان ، والإقامة ، والخطب ، وغير ذلك من الأمور التي أعلى الله بها ذكر رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .

وله في قلوب أمته من المحبة والإجلال والتعظيم ما ليس لأحد غيره ، بعد الله تعالى ، فجزاه الله عن أمته أفضل ما جزى نبيًا عن أمته .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ} (4)

وقوله : { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } قال مجاهد : لا أُذْكرُ إلا ذُكِرتَ معي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدًا رسول الله .

وقال قتادة : رفع اللهُ ذكرَه في الدنيا والآخرة ، فليس خطيب ولا مُتشهد ولا صاحبُ صلاة إلا ينادي بها : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله .

قال ابن جرير : حدثني يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو بن الحارث ، عن دَراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أتاني جبريل فقال : إنّ ربي وربك يقول : كيف رفعت ذكرك ؟ قال : الله أعلم . قال : إذا ذُكِرتُ ذُكِرتَ معي " ، وكذا رواه ابن أبي حاتم عن يونس بن عبد الأعلى به ، ورواه أبو يعلى من طريق ابن لَهِيعة ، عن دَرَّاج{[30208]} .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زُرْعَة ، حدثنا أبو عُمر الحَوضي ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سألت ربي مسألة وَددْتُ أني لم أكن سألته ، قلت : قد كانت قبلي أنبياء ، منهم من سخرت له الريح{[30209]} ومنهم من يحيي الموتى . قال : يا محمد ، ألم أجدك يتيما فآويتك ؟ قلت : بلى يا رب . قال : ألم أجدك ضالا فهديتك ؟ قلت : بلى يا رب . قال : ألم أجدك عائلا فأغنيتك ؟ قال : قلت : بلى يا رب . قال : ألم أشرح{[30210]} لك صدرك ؟ ألم أرفع لك ذكرك ؟ قلت : بلى يا رب " {[30211]} .

وقال أبو نعيم في " دلائل النبوة " : حدثنا أبو أحمد الغطريفي ، حدثنا موسى بن سهل الجَوْني ، حدثنا أحمد بن القاسم بن بَهْرام الهيتي ، حدثنا نصر بن حماد ، عن عثمان بن عطاء ، عن الزهري ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما فرغت مما أمرني الله به من أمر السموات والأرض قلت : يا رب ، إنه لم يكن نبي قبلي إلا وقد كرمته ، جعلت إبراهيم خليلا وموسى كليما ، وسخرت لداود الجبال ، ولسليمان الريح والشياطين ، وأحييت لعيسى الموتى ، فما جعلت لي ؟ قال : أو ليس قد أعطيتك أفضل من ذلك كله ، أني لا أذكر إلا ذُكِرْتَ معي ، وجعلت صدور أمتك أناجيل يقرءون القرآن ظاهرا ، ولم أعطها أمة ، وأعطيتك كنزا من كنوز عرشي : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " {[30212]} .

وحكى البغوي ، عن ابن عباس ومجاهد : أن المراد بذلك : الأذان . يعني : ذكره فيه ، وأورد من شعر حسان بن ثابت :

أغَرّ عَلَيه للنبوة خَاتَم *** مِنَ الله من نُور يَلوحُ وَيشْهَد

وَضمَّ الإلهُ اسم النبي إلى اسمه *** إذا قَالَ في الخَمْس المؤذنُ : أشهدُ

وَشَقَّ لَهُ مِن اسمه ليُجِلَّه *** فَذُو العَرشِ محمودٌ وهَذا مُحَمَّدُ{[30213]}

وقال آخرون : رفع الله ذكره في الأولين والآخرين ، ونوه به ، حين أخذ الميثاق على جميع النبيين أن يؤمنوا به ، وأن يأمروا أممهم{[30214]} بالإيمان به ، ثم شهر ذكره في أمته فلا يُذكر الله إلا ذُكر معه .

وما أحسن ما قال الصرصري ، رحمه الله :

لا يَصِحُّ الأذانُ في الفَرْضِ إلا*** باسمِه العَذْب في الفم المرْضي

وقال أيضًا :

[ ألَم تَر أنَّا لا يَصحُّ أذانُنَا*** وَلا فَرْضُنا إنْ لم نُكَررْه فيهما ]{[30215]}


[30208]:- (2) تفسير الطبري (30/151).
[30209]:- (3) في أ: "البحر".
[30210]:- (4) في أ: "ألم نشرح".
[30211]:- (5) ورواه الحاكم في المستدرك (2/526) من طريق أحمد بن سلمة، عن عبد الله بن الجراح، عن حماد بن زيد به، وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
[30212]:- (6) وذكره المؤلف في البداية والنهاية (6/288) ثم قال: "وهذا إسناد فيه غرابة، ولكن أورد له شاهدا من طريق أبي القاسم بن منيع البغوي، عن سليمان بن داود المهراني، عن حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعا بنحوه".
[30213]:- (1) معالم التنزيل للبغوي (8/464).
[30214]:- (2) في أ: "أمتهم".
[30215]:- (3) زيادة من م، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ} (4)

وقوله : وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ يقول : ورفعنا لك ذكرك ، فلا أُذْكَرُ إلا ذُكِرْتَ معي ، وذلك قول : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُريب وعمرو بن مالك ، قالا : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ قال : لا أُذْكَرُ إلا ذُكِرْتَ معي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «ابْدَؤُوا بالعُبُودَةِ ، وَثَنّوا بالرسالة » فقلت لمعمر ، قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ، فهو العبودة ، ورسوله أن تقول : عبده ورسوله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتاة وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ رفع الله ذكره في الدنيا والاَخرة ، فليس خطيب ، ولا متشهد ، ولا صاحب صلاة ، إلا ينادي بها : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا عمرو بن الحرث ، عن درّاج ، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخُدْرِيّ ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : «أتانِي جِبْرِيلُ فَقالَ : إنّ رَبّي وَرَبّكَ يَقُولُ : كَيْفَ رَفَعْتُ لَكَ ذِكْرَكَ ؟ قال : اللّهُ أعْلَمُ ، قال : إذَا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ مَعِي » .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ} (4)

ورفعنا لك ذكرك بالنبوة وغيرها وأي رفع مثل أن قرن اسمه باسمه تعالى في كلمتي الشهادة ، وجعل طاعته طاعته ، صلى عليه في ملائكته ، وأمر المؤمنين بالصلاة عليه ، وخاطبه بالألقاب ، وإنما زاد لك ليكون إبهاما قبل إيضاح فيفيد المبالغة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ} (4)

وقوله تعالى : { ورفعنا لك ذكرك } معناه ، نوهنا باسمك ، وذهبنا به كل مذهب في الأرض ، وهذا ورسول الله بمكة ، وقال أبو سعيد الخدري والحسن ومجاهد وقتادة : معنى قوله { ورفعنا لك ذكرك } أي قرنا اسمك باسمنا في الأذان والخطب .

وروي في هذا حديث ( إن الله تعالى قال : إذا ذكرت ذكرت معي ){[11886]} وهذا متجه إلى أن الآية نزلت بمكة قديما والأذان شرع بالمدينة ، ورفع الذكر نعمة على الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك هو جميل حسن للقائمين بأمور الناس ، وخمول الذكر والاسم حسن للمنفردين للعبادة ، وقد جعل الله تعالى النعم أقساما بحسب ما يصلح لشخص شخص ، وفي الحديث ( إن الله تعالى يوقف عبدا يوم القيامة فيقول له : ألم أفعل بك كذا وكذا -يعدد عليه نعمه- ويقول في جملتها : ألم أخمل ذكرك في الناس ){[11887]} ؟ والمعنى في هذا التعديد الذي على النبي صلى الله عليه وسلم أي يا محمد فقد جعلنا جميع هذا فلا تكترث بأذى قريش فإن الذي فعل بك هذه النعم سيظفرك بهم وينصرك عليهم .


[11886]:رواه الطبري في تفسيره عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، من طريق دراج عن أبي الهيثم، ومع صدق دراج في حديثه فإن في روايته عن أبي الهيثم ضعف، ومع ذلك صححه ابن حبان، وأورد السيوطي هذا الحديث في الدر المنثور، وزاد نسبته لابن المنذر، وابن مردويه، وأبي نعيم في الدلائل ، كذلك رواه ابن أبي حاتم عن يونس عن عبد الأعلى به، ورواه أبو يعلى عن دراج.
[11887]:لم أقف عليه.