المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَامِنَّآ إِلَّا لَهُۥ مَقَامٞ مَّعۡلُومٞ} (164)

وقالت الملائكة - متحيزين لموقف العبودية - : ما أحد منا إلا له مقام في المعرفة والعبادة معلوم لا يتعداه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَامِنَّآ إِلَّا لَهُۥ مَقَامٞ مَّعۡلُومٞ} (164)

هذا فيه بيان براءة الملائكة عليهم السلام ، عما قاله فيهم المشركون ، وأنهم عباد اللّه ، لا يعصونه طرفة عين ، فما منهم من أحد إلا له مقام وتدبير قد أمره اللّه به لا يتعداه ولا يتجاوزه ، وليس لهم من الأمر شيء .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَامِنَّآ إِلَّا لَهُۥ مَقَامٞ مَّعۡلُومٞ} (164)

ويرد الملائكة على الأسطورة ، بأن لكل منهم مقامه الذي لا يتعداه . فهم عباد من خلق الله . لهم وظائف في طاعة الله .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَامِنَّآ إِلَّا لَهُۥ مَقَامٞ مَّعۡلُومٞ} (164)

{ وما منا إلا له مقام معلوم } : حكاية اعتراف الملائكة بالعبودية للرد على عبدتهم والمعنى : وما منا أحد إلا له مقام معلوم في المعرفة والعبادة والانتهاء إلى أمر الله في تدبير العالم ، ويحتمل أن يكون هذا وما قبله من قوله { سبحان الله } من كلامهم ليتصل بقوله : { ولقد علمت الجنة } كأنه قال ولقد علمت الملائكة أن المشركين معذبون بذلك وقالوا { سبحان الله } تنزيها له عنه ، ثم استثنوا { المخلصين } تبرئة لهم منه ، ثم خاطبوا المشركين بأن الافتتان بذلك للشقاوة المقدرة ، ثم اعترفوا بالعبودية وتفاوت مراتبهم فيه لا يتجاوزونها فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَامِنَّآ إِلَّا لَهُۥ مَقَامٞ مَّعۡلُومٞ} (164)

فيجوز أن يكون عطفاً على قوله : { إلاَّ عبادَ الله المخلصين } [ الصافات : 160 ] على أول الوجهين في المعنيّ بعباد الله المخلَصين فيكون عطفاً على معنى الاستثناء المنقطع لأن معناه أنهم ليسوا أولاد الله تعالى ، وعُطف عليه أنهم يتبرأون من ذلك فالواو عاطفة قولاً محذوفاً يدل عليه أن ما بعد الواو لا يصلح إلا أن يكون كلام قائل . والتقدير : ويقولون ما منّا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصّافون وإنّا لنحن المسبّحون ، وهذا الوجه أوفق بالصفات المذكورة من قوله : { إلاَّ له مقام معلوم } وقوله : { الصَّافون المُسبّحُونَ } : الشائع وصف الملائكة بأمثالها في القرآن كما تقدم في أول السورة وصفُهم بالصّافّات ، ووصفُهم بالتسبيح كثير كقوله : { والملائكة يسبحون بحمد ربهم } [ الشورى : 5 ] ، وذكر مقاماتهم في قوله تعالى : { ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين } [ التكوير : 20 - 21 ] وقوله : { ولقد رءاه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى } [ النجم : 13 - 14 ] .

وفي أحاديث كثيرة مثلاً حديث الإِسراء أن جبريل وجد في كل سماء ملكاً يستأذنه جبريل أن يدخل تلك السماء ويسأله المَلك : من أنت ؟ ومن معك ؟ وهل أُرسل إليه ؟ فإذا قال : نعم ، فَتح له . وعن مقاتل أن قوله : { وما منَّا إلا له مقامٌ معلوم } إلى { المُسبحونَ } نزل ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى فتأخَّر جبريلُ فقال له النبي : أهنا تفارقني فقال : لا أستطيع أن أتقدم عن مكاني وأنزل الله حكاية عن قول الملائكة { وما مِنَّا إلا له مقامٌ معلومٌ } الآيتين .

ويجوز أن يكون هذا مما أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقوله للمشركين عطفاً على التفريع الذي في قوله : { فإنَّكم وما تعبدون } [ الصافات : 161 ] إلى آخره ويتصل الكلام بقوله : { فاستفتهم ألربك البنات } [ الصافات : 149 ] إلى هنا . والمعنى : ما أنتم بفاتنيننا فتنةَ جراءة على ربنا فنقول مثل قولكم : الملائكة بنات الله والجنُ أصهار الله فما منا إلاّ له مقام معلوم لا يتجاوزه وهو مقام المخلوقيّة لله والعبودية له .

والمنفي ب { ما } محذوف دل عليه وصفه بقوله : { مِنَّا } . والتقدير : وما أحد منا كما في قول سحيم بن وثيل :

أنا ابن جلا وطَلاع الثنايا *** متى أضع العمامة تعرفوني

التقدير : ابن رجل جلا . والخبر هو قوله : { إلاَّ له مقامٌ معلومٌ } . والتقدير : ما أحد منا إلا كائن له مقام معلوم .

والمقام : أصله مكان القيام . ولما كان القيام يكون في الغالب لأجل العمل كثر إطلاق المقام على العمل الذي يقوم به المرء كما حُكيَ في قول نوح : { إن كان كبر عليكم مقامي } [ يونس : 71 ] أي عملي .

والمعلوم : المعيّن المضبوط ، وأطلق عليه وصف { مَعْلُومٌ } لأن الشيء المعيّن المضبوط لا يشتبه على المتبصر فيه فمن تأمّلَه عَلِمَه . والمعنى : ما من أحد منا معشر المؤمنين إلا له صفة وعمل نحو خالقه لا يستزله عنه شيء ولا تروج عليه فيه الوساوس فلا تطمعوا أن تزِلونا عن عبادة ربنا .

فالمقام هو صفة العبودية لله بقرينة وقوع هذه الجملة عقب قوله : { فإنَّكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتِنينَ } [ الصافات : 161 - 162 ] ، أي ما أنتم بفاتنين لنا فلا يلتبس علينا فضل الملائكة فنرفعه إلى مقام البنوّة لله تعالى ولا نُشبّه اعتقادكم في تصرف الجن أن تبلغوا بهم مقام المصاهرة لله تعالى والمداناة لِجلاله كقوله : { وجعلوا للَّه شركاء الجن وخلقهم } [ الأنعام : 100 ] .