قوله : { وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } فيه وجهان :
أحدهما : أن «منا » صفة لموصوف محذوف فهو مبتدأ والخبر الجملة من قوله : { إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } تقديره : ما أحدٌ مِنَّا إلاَّ له مقام ، وحَذْفُ المبتدأ مع «مِنْ » جَيِّدٌ فصيحٌ .
والثاني : أن المبتدأ محذوف أيضاً و «إلاَّ لَهُ مَقَامٌ » صفة حذف موصوفها والخبر على هذا هو الجار المتقدم والتقدير : «وما منَّا أحدٌ إلاَّ لَهُ مَقَامٌ » . قال الزمخشري : حذف الموصوف وأقام الصِّفَةَ مُقَامَهُ كقوله :
أَنَا ابْنُ جَلاَ وَطَلاَّعُ الثَّنَايَا . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَرْمِي بِكَفّي كَانَ مِنْ أرْمى البَشَر . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ورده أبو حيان فقال : «ليس هذا من حذف الموصوف وإقامة الصفة مُقَامَهُ ، لأن المحذوف مبتدأ و «إلاَّ لَهُ مَقَامٌ » خبره ولأنه لا ينعقد كَلاَمٌ من قوله : «وَمَا مِنَّا أَحَدٌ » ، وقوله : «إلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ » محط الفائدة وإن تخيل أن «له مقام معلوم » في موضع الصفة فقد نَصُّوا على أنَّ «إلاَّ » لا تكون صفة إذا حذف موصوفها وأنها فارقت «غَيْراً » إذا كانت صفة في ذلك لِتَمَكُّنِ «غَيْرٍ » في الوصف وعدم تمكن «إلاَّ » فيه ؛ وجعل ذلك كقوله : «أَنَا بْنُ جَلاَ » أي أنا ابن رَجُلٍ جَلا ، و «بكفي كان » أي رَجُلٍ كان فقد عده النَّحويُّونَ من أقبح الضرائر ، حيث حذف الموصوف والصفة جملة لم يتقدمها مِنْ بِخلاف قوله : «مِنَّا ظَعَنَ وَمِنَّا أَقَامَ » . . . يريدون : منَّا فريقٌ ظعَنَ ، ومنا فريق أقام ، وقد تقدم نحوٌ من هذا في النِّسَاء عند قوله : { وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكتاب إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ } [ النساء : 159 ] .
وهذا الكلام وما بعده ظاهره أنه من كلام الملائكة ، وقيل : من كلام الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم .
قال المفسرون : يقول جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم - : «وَمَا مِنَّا مَعْشَرَ الْمَلاَئِكَةِ إلاَّ له مقام معلوم » أي ما منا ملك إلا له مقام معلوم في السموات يعبد الله فيه . قال ابن عباس : «ما في السموات موضع شبر إلا وعليه ملك يصلي أو يُسَبِّح » ، وقال - عليه ( الصلاة و ) السلام- : «أَطَّتْ السَّمَاءُ وَحَقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا فيهَا مَوْضِعُ أرْبَعَةِ أَصَابعَ إلاَّ وَفِيهِ مَلَكٌ وَاضِعٌ جَبَهَتَهُ سَاجِدٌ لله » . وقال السُّدِّيُّ : إلاَّ له مقام معلوم في القُرْبَة والمشاهدة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.