يقول تعالى - ذاكرا عجز هؤلاء ، الذين اتخذوا من دونه آلهة ، وأنهم محتاجون مضطرون إلى ربهم الرحمن ، الذي رحمته ، شملت البر والفاجر ، في ليلهم ونهارهم - فقال : { قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ ْ } أي : يحرسكم ويحفظكم { بِاللَّيْلِ ْ } إذ كنتم نائمين على فرشكم ، وذهبت حواسكم { وَالنَّهَارِ ْ } وقت انتشاركم وغفلتكم { مِنَ الرَّحْمَنِ ْ } أي : بدله غيره ، أي : هل يحفظكم أحد غيره ؟ لا حافظ إلا هو .
{ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ ْ } فلهذا أشركوا به ، وإلا فلو أقبلوا على ذكر ربهم ، وتلقوا نصائحه ، لهدوا لرشدهم ، ووفقوا في أمرهم .
أم إن لهم من يرعاهم بالليل والنهار غير الرحمن ، ويمنعهم من العذاب في الدنيا أو الآخرة من دون الله ?
( قل : من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن ? بل هم عن ذكر ربهم معرضون . أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا ? لا يستطيعون نصر أنفسهم ، ولا هم منا يصحبون ) .
إن الله هو الحارس على كل نفس بالليل والنهار . وصفته هي الرحمة الكبرى ، وليس من دونه راع ولا حام . فاسألهم : هل لهم حارس سواه ?
وهو سؤال للإنكار ، وللتوبيخ على غفلتهم عن ذكر الله ، وهو الذي يكلؤهم بالليل والنهار ، ولا راعي لهم سواه : ( بل هم عن ذكر ربهم معرضون ) .
ثم ذكر تعالى نعمته على عبيده في حفظه لهم بالليل والنهار ، وكلاءته وحراسته لهم بعينه التي لا تنام ، فقال : { قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ } ؟
أي : بدل الرحمن بمعني غيره كما قال الشاعر{[19638]} :
جَارية لَمْ تَلْبَس المُرقَّقا *** وَلَم تَذق منَ البُقول الفُسْتُقا
أي : لم تذق بدل البقول الفستق .
وقوله تعالى : { بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ } أي : لا يعترفون{[19639]} بنعمه عليهم وإحسانه إليهم ، بل يعرضون عن آياته وآلائه ،
المعنى { قل } يا محمد لهؤلاء الكفرة المستهزئين بك وبما جئت به الكافرين بذكر الرحمن الجاهلين به قل لهم على جهة التوبيخ والتقريع من يحفظكم ، و «كلأ » معناه حفظ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لبلال «اكلأ لنا الفجر »{[8229]} وفي آخر الكلام تقدير محذوف كأنه قال ليس لهم مانع ولا كالئ وعلى هذا النفي{[8230]} تركبت { بل } في قوله { بل هم عن ذكر ربهم معرضون }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.