{ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا } والمراد بأحسن ما عملوا : أعمالهم الحسنة الصالحة ، لأنها أحسن ما عملوا ، لأنهم يعملون المباحات وغيرها ، فالثواب لا يكون إلا على العمل الحسن ، كقوله تعالى : { لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كَانُوا يَعْمَلُونَ } { وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ } زيادة كثيرة عن الجزاء المقابل لأعمالهم ، { وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } بل يعطيه من الأجر ما لا يبلغه عمله ، بل ولا تبلغه أمنيته ، ويعطيه من الأجر بلا عد ولا كيل ، وهذا كناية عن كثرته جدا .
{لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا}أي : هؤلاء من الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم .
وقوله : { وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ } أي : يتقبل منهم الحسن ويضاعفه لهم ، كما قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا } [ النساء : 40 ] ، وقال تعالى : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } [ الأنعام : 160 ] ، وقال { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً } [ البقرة : 245 ] ، وقال { وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ } [ البقرة : 261 ]
كما قال هاهنا : { وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } .
وعن ابن مسعود : أنه جيء بلبن فعرضه على جلسائه واحدًا واحدًا ، فكلهم لم يشربه لأنه كان صائمًا ، فتناوله ابن مسعود وكان مفطرًا فشربه ، ثم تلا قوله تعالى{[21273]} { يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ } ، رواه النسائي ، وابن أبي حاتم ، من حديث الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عنه{[21274]} .
وقال [ ابن أبي حاتم ]{[21275]} أيضًا : حدثنا أبي ، حدثنا سُوَيْد بن سعيد ، حدثنا علي بن مُسْهِر عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن شهر بن حَوْشَب عن أسماء بنت يزيد قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة ، جاء مناد فنادى بصوت يُسمع الخلائق : سيعلم أهلُ الجمع من أولى بالكرم ، ليقم الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله . فيقومون ، وهم قليل ، ثم يحاسب سائر الخلائق " {[21276]} .
وروى الطبراني ، من حديث بَقيَّة ، عن إسماعيل بن عبد الله الكندي ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ } [ فاطر : 30 ] قال : { أُجُورَهُمْ } يدخلهم الجنة { ، وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ } ، الشفاعة لمن وجبت له الشفاعة ، لمن صنع لهم المعروف في الدنيا{[21277]} .
وقوله : ليَجْزِيَهُمُ اللّهُ أحْسَنَ ما عَمِلُوا يقول : فعلوا ذلك ، يعني أنهم لم تلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ، وأقاموا الصلاة وآتَوا الزكاة وأطاعوا ربهم ، مخافة عذابه يوم القيامة كي يثيبهم الله يوم القيامة بأحسن أعمالهم التي عملوها في الدنيا ، ويزيدهم على ثوابه إياهم على أحسن أعمالهم التي عملوها في الدنيا ، من فضله ، فيُفْضِل عليهم عن عنده بما أحبّ من كرامته لهم . وقوله : وَاللّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بغيرِ حِسابٍ يقول تعالى ذكره : يتفضل على من شاء وأراد من طَوْله وكرامته ، مما لم يستحقه بعمله ولم يبلغه بطاعته بغير حساب يقول : بغير محاسبة على ما بذل له وأعطاه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.