تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتۡ} (7)

{ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } أي : قرن كل صاحب عمل مع نظيره ، فجمع الأبرار مع الأبرار ، والفجار مع الفجار ، وزوج المؤمنون بالحور العين ، والكافرون بالشياطين ، وهذا كقوله تعالى : { وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا } { وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا } { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتۡ} (7)

1

وتزويج النفوس يحتمل أن يكون هو جمع الأرواح بأجسادها بعد إعادة إنشائها . ويحتمل أن يكون ضم كل جماعة من الأرواح المتجانسة في مجموعة ، كما قال في موضع آخر : ( وكنتم أزواجا ثلاثة )أي صنوفا ثلاثة هم المقربون وأصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة . أو في غير ذلك من التشكيلات المتجانسة !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتۡ} (7)

وقوله : { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } أي : جمع كل شكل إلى نظيره ، كقوله : { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ } [ الصافات : 22 ] .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن الصباح البزار ، حدثنا الوليد بن أبي ثور ، عن سمَاك ، عن النعمان بن بشير أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال : الضرباء ، كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون عمله " ، وذلك بأن الله عز وجل يقول : { وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ } [ الواقعة : 7 - 10 ] ، قال : هم الضرباء{[29754]} .

ثم رواه ابن أبي حاتم من طرق أخر ، عن سماك بن حرب ، عن النعمان بن بشير أن عُمَر خطب الناس فقرأ : { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } فقال : تَزَوّجها : أن تؤلف{[29755]} كل شيعة إلى شيعتهم . وفي رواية : هما الرجلان يعملان العمل فيدخلان به الجنة أو النار{[29756]} .

وفي رواية عن النعمان قال : سئل عمر عن قوله تعالى : { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } فقال : يقرن بين الرجل الصالح مع الرجل الصالح ، ويقرن بين الرجل السوء مع الرجل السوء في النار ، فذلك تزويج الأنفس .

وفي رواية عن النعمان أن عمر قال للناس : ما تقولون في تفسير هذه الآية : { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } ؟ فسكتوا . قال : ولكن هو الرجل يزوج نظيره من أهل الجنة ، والرجل يزوج نظيره من أهل النار ، ثم قرأ : { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ }

وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله : { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال : ذلك حين يكون الناس أزواجا ثلاثة .

وقال ابن أبي نَجيح ، عن مجاهد : { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال : الأمثال من الناس جمع بينهم . وكذا قال الربيع بن خُثَيم{[29757]} والحسن ، وقتادة . واختاره ابن جرير ، وهو الصحيح .

قول آخر في قوله : { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال ابن أبي حاتم :

حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن أشعث [ بن سوار ]{[29758]} ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : يسيل واد من أصل العرش من ماء فيما بين الصيحتين ، ومقدار ما بينهما أربعون عاما ، فينبت منه كل خلق بلي ، من الإنسان أو طير أو دابة ، ولو مر عليهم مار قد عرفهم قبل ذلك لعرفهم على الأرض . قد نبتوا ، ثم تُرسَل الأرواح فتزوج الأجساد ، فذلك قول الله تعالى{[29759]} : { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ }

وكذا قال أبو العالية ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، والشعبي ، والحسن البصري أيضا في قوله : { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } أي : زوجت بالأبدان . وقيل : زوج المؤمنون بالحور العين ، وزوج الكافرون بالشياطين . حكاه القرطبي في " التذكرة " {[29760]} .


[29754]:- (3) ورواه ابن مردويه في تفسيره، كما في الدر المنثور (8/429).
[29755]:- (4) في أ: "أن يؤلف الله".
[29756]:- (5) ورواه أبو بكر بن حمدان كما في مسند عمر (2/620) للمؤلف من طريق خلف بن الوليد، عن إسرائيل عن سماك بنحوه، ورواه عبد الرزاق في تفسيره (2/284، 285)، عن الثوري، عن سماك، عن النعمان، وعن إسرائيل، عن سماك، عن النعمان، ورواه الحاكم في المستدرك (2/515) من طريق سفيان عن سماك، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه
[29757]:- (1) في أ: "خيثم".
[29758]:- (2) زيادة من م.
[29759]:- (3) في م، أ: "قول الله عز وجل".
[29760]:- (4) التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة (ص 213).