المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ كُلّٞ لَّهُۥ قَٰنِتُونَ} (26)

26- ولله - سبحانه وتعالى - كل من في السموات والأرض خلْقاً وملكاً وخضوعاً ، كلهم لله منقادون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ كُلّٞ لَّهُۥ قَٰنِتُونَ} (26)

{ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } الكل خلقه ومماليكه المتصرف فيهم من غير منازع ولا معاون ولا معارض وكلهم قانتون لجلاله خاضعون لكماله .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ كُلّٞ لَّهُۥ قَٰنِتُونَ} (26)

17

ثم يأتي الإيقاع الأخير ختاما لهذا التقرير ؛ فإذا كل من في السماوت والأرض من خلائق قانتون لله طائعون .

( وله من في السماوات والأرض كل له قانتون ) . .

ولقد نرى أن الكثيرين من الناس لا قانتين لله ولا عابدين . ولكن هذا التقرير إنما يعني خضوع كل من في السماوات والأرض لإرادة الله ومشيئته التي تصرفهم وفق السنة المرسومة التي لا تتخلف ولا تحيد . فهم محكومون بهذه السنة ولو كانوا عصاة كافرين . إنما تعصى عقولهم وتكفر قلوبهم ولكنهم مع هذا محكومون بالناموس مأخوذون بالسنة ، يتصرف فيهم خالقهم وفق ما يريد تصرفه بباقي العبيد وهم لا يملكون إلا الخضوع والقنوت .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ كُلّٞ لَّهُۥ قَٰنِتُونَ} (26)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَهُ مَن فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ كُلّ لّهُ قَانِتُونَ * وَهُوَ الّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأعْلَىَ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } .

يقول تعالى ذكره : ولله من في السموات والأرض من ملك وجنّ وإنس عبيد وملك كُلّ لَهُ قانِتُونَ يقول : كلّ له مطيعون ، فيقول قائل : وكيف قيل كُلّ لَهُ قانِتُونَ وقد علم أن أكثر الإنس والجنّ له عاصون ؟ فنقول : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فنذكر اختلافهم ، ثم نبين الصواب عندنا في ذلك من القول ، فقال بعضهم : ذلك كلام مخرجه مخرج العموم ، والمراد به الخصوص ، ومعناه : كلّ له قانتون في الحياة والبقاء والموت ، والفناء والبعث والنشور ، لا يمتنع عليه شيء من ذلك ، وإن عصاه بعضهم من غير ذلك . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله وَمِنْ آياتِهِ أنْ تَقُومَ السّماءُ والأرْضُ بأمْرِهِ . . . إلى كُلّ لَهُ قانِتُونَ يقول : مطيعون ، يعني الحياة والنشور والموت ، وهم عاصون له فيما سوى ذلك من العبادة .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : كلّ له قانتون بإقرارهم بأنه ربهم وخالقهم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة كُلّ لَهُ قانِتُونَ : أي مطيع مقرّ بأن الله ربه وخالقه .

وقال آخرون : هو على الخصوص ، والمعنى : وله من في السموات والأرض من ملك وعبد مؤمن لله مطيع دون غيرهم . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : كُلّ لَهُ قانِتُونَ قال : كلّ له مطيعون . المطيع : القانت ، قال : وليس شيء إلاّ وهو مطيع ، إلاّ ابن آدم ، وكان أحقهم أن يكون أطوعهم لله . وفي قوله وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ قال : هذا في الصلاة ، لا تتكلموا في الصلاة كما يتكلم أهل الكتاب في الصلاة ، قال : وأهل الكتاب يمشي بعضهم إلى بعض في الصلاة ، قال : ويتقابلون في الصلاة ، فإذا قيل لهم في ذلك ، قالوا : لكي تذهب الشحناء من قلوبنا تسلم قلوب بعضنا لبعض ، فقال الله : وقوموا لله قانتين لا تزولوا كم يزولون . قانتين : لا تتكلموا كما يتكلمون . قال : فأما ما سوى هذا كله في القرآن من القنوت فهو الطاعة ، إلاّ هذه الواحدة .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب القول الذي ذكرناه عن ابن عباس ، وهو أن كلّ من في السموات والأرض من خلق لله مطيع في تصرّفه فيما أراد تعالى ذكره من حياة وموت ، وما أشبه ذلك ، وإن عصاه فيما يكسبه بقوله ، وفيما له السبيل إلى اختياره وإيثاره على خلافه .

وإنما قلت : ذلك أولى بالصواب في تأويل ذلك ، لأن العصاة من خلقه فيما لهم السبيل إلى اكتسابه كثير عددهم ، وقد أخبر تعالى ذكره عن جميعهم أنهم له قانتون ، فغير جائز أن يخبر عمن هو عاص أنه له قانت فيما هو له عاص . وإذا كان ذلك كذلك ، فالذي فيه عاص هو ما وصفت ، والذي هو له قانت ما بينت .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ كُلّٞ لَّهُۥ قَٰنِتُونَ} (26)

اللام في { له } الأولى لام الملك ، وفي الثانية لام تعدية ل «قنت » إذ «قنت » بمعنى خضع في طاعته وانقياده ، وهذه الآية ظاهر لفظها العموم في الُقَّنت والعموم في كل من يعقل ، وتعميم ذلك في المعنى لا يصح لأنه خبر ، ونحن نجد كثيراً من الجن والإنس لا يقنت في كثير من المعتقد والأعمال ، فلا بد أن عموم ظاهر هذه الآية معناه الخصوص ، واختلف المتألون في هذا الخصوص أي هو ، فقال ابن عباس وقتادة : هو في القنت والطاعة وذلك أن جميع من يعقل هو قانت لله في معظم الأمور من الحياة والموت والرزق والقدرة ونحو ذلك ، وبعضهم يبخل بالعبادة وبالمعتقدات فلا يقنت فيها فكأنه قال كل له قانتون في معظم الأمور وفي غالب الشأن ، وقال ابن زيد ما معناه : إن الخصوص هو في الأعيان المذكورين كأنه قال { وله من في السماوات والأرض } من ملك ومؤمن{[9305]} .


[9305]:أوضح الآراء وأقربها إلى الصحة هنا أن من في السموات والأرض مخلوقون كإرادة الله تعالى، لا يقدر أحد على تغيير الخلقة، فآثار الصنعة والخلقة تدل على الطاعة، فهي طاعة إرادة ومشيئة، وليست طاعة عبادة، لأن في طاعة العبادة مطيعا وغير مطيع.