المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (53)

53- وهذا عدل في الجزاء ، بسبب أن الله لا يُغير نعمة أنعم بها على قوم ، كنعمة الأمن والرخاء والعافية ، حتى يُغَيِّروا هم ما بأنفسهم من الأحوال والأسباب ، وإنَّ الله سميع لما يقولون عليم بما يفعلون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (53)

{ 53 - 54 ْ } { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ ْ }

{ ذَلِكَ ْ } العذاب الذي أوقعه اللّه بالأمم المكذبين{[349]}  وأزال عنهم ما هم فيه من النعم والنعيم ، بسبب ذنوبهم وتغييرهم ما بأنفسهم ، فإن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم من نعم الدين والدنيا ، بل يبقيها ويزيدهم منها ، إن ازدادوا له شكرا . { حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ْ } من الطاعة إلى المعصية فيكفروا نعمة اللّه ويبدلوها كفرا ، فيسلبهم إياها ويغيرها عليهم كما غيروا ما بأنفسهم .

وللّه الحكمة في ذلك والعدل والإحسان إلى{[350]}  عباده ، حيث لم يعاقبهم إلا بظلمهم ، وحيث جذب قلوب أوليائه إليه ، بما يذيق العباد من النكال إذا خالفوا أمره .

{ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ْ } يسمع جميع ما نطق به الناطقون ، سواء من أسر القول ومن جهر به ، ويعلم ما تنطوي عليه الضمائر ، وتخفيه السرائر ، فيجري على عباده من الأقدار ما اقتضاه علمه وجرت به مشيئته .


[349]:- في ب: المكذبة.
[350]:- كذا في ب، وفي أ: على.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (53)

القول في تأويل قوله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىَ قَوْمٍ حَتّىَ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } .

يقول تعالى ذكره : وأخذنا هؤلاء الذين كفروا بآياتنا من مشركي قريش ببدر بذنوبهم وفعلنا ذلك بهم ، بأنهم غيروا ما أنعم الله عليهم به من ابتعاثه رسوله منهم وبين أظهرهم ، بإخراجهم إياه من بينهم وتكذيبهم له وحربهم إياه فغيرنا نعمتنا عليهم بإهلاكنا إياهم ، كفعلنا ذلك في الماضين قبلهم ممن طغى علينا وعصى أمرنا .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : ذلكَ بأنّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيّرا نِعْمَةً أنْعَمَها على قَوْمٍ حتى يُغَيّرُوا ما بأنْفُسِهمْ يقول : نعمة الله محمد صلى الله عليه وسلم ، أنعم به على قريش وكفروا ، فنقله إلى الأنصار .

وقوله : وأنّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يقول : لا يخفى عليه شيء من كلام خلقه ، يسمع كلام كلّ ناطق منهم بخير نطق أو بشرّ ، عليم بما تضمره صدورهم ، وهو مجازيهم ومثيبهم على ما يقولون ويعملون ، إن خيرا فخيرا وإن شرّا فشرّا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (53)

{ ذلك } في موضع رفع على خبر الابتداء تقديره عند سيبويه الأمر ذلك ، ويحتمل أن يكون التقدير وجب ذلك ، والباء باء السبب{[5415]} ، وقوله { لم يك مغيراً } جزم ب { لم } وجزمه بحذف النون ، والأصل يكون فإذا دخلت لم جاء لم يكن ، ثم قالوا «لم يك مغيراً » كأنهم قصدوا التخفيف فتوهموا دخول «لم » على يكن فحذفت النون للجزم ، وحسن ذلك فيها لمشابهتها حروف اللين التي تحذف للجزم كما قالوا لم أبال ، ثم قالوا لم أبل فتوهموا دخول لم على أبال ؟ ومعنى هذه الآية الإخبار بأن الله عز وجل إذا أنعم على قوم نعمة فإنه بلطفه ورحمته لا يبدأ بتغيرها وتكديرها حتى يجيء ذلك منهم بأن يغيروا حالهم التي تراد وتحسن منهم ، فإذا فعلوا ذلك وتلبسوا بالتكسب للمعاصي أو الكفر الذي يوجب عقابهم غير الله نعمته عليهم بنقمته منهم ، ومثال هذا نعمة الله على قريش بمحمد صلى الله عليه وسلم فكفروا ما كان يجب أن يكونوا عليه ، فغير الله تلك النعمة بأن نقلها إلى غيرهم من الأنصار وأحل بهم عقوبته .

وقوله { وأن } عطف على الأولى ، و { سميع عليم } أي لكل وبكل ما يقع من الناس في تغيير ما بأنفسهم لا يخفى عليه من ذلك سر ولا جهر .


[5415]:- يريد الباء في قوله تعالى {بأن الله}