فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (53)

والإشارة بقوله : { ذلك } إلى العقاب الذي أنزله الله بهم ، وهو مبتدأ وخبره ما بعده ، والجملة جارية مجرى التعليل لما حلّ بهم من عذاب الله .

والمعنى : أن ذلك العقاب بسبب أن عادة الله في عباده عدم تغيير نعمه التي ينعم بها عليهم { حتى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ } من الأحوال والأخلاق بكفران نعم الله وغمط إحسانه وإهمال أوامره ونواهيه ، وذلك كما كان من آل فرعون ومن قبلهم ومن قريش ومن يماثلهم من المشركين ، فإن الله فتح لهم أبواب الخيرات في الدنيا ومنّ عليهم بإرسال الرسل ، وإنزال الكتب ، فقابلوا هذه النعم بالكفر فاستحقوا تغيير النعم ، كما غيروا ما كان يجب عليهم سلوكه ، والعمل به من شكرها وقبولها ، وجملة { وَأَنَّ الله سَمِيعٌ عَلِيمٌ } معطوفة على { بِأَنَّ الله لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً } داخلة معها في التعليل ، أي ذلك بسبب أن الله لم يك مغيراً ، إلخ . وبسبب أن الله سميع عليم يسمع ما يقولونه ويعلم ما يفعلونه . وقرئ بكسر الهمزة على الاستئناف .

/خ54