تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (53)

وقوله تعالى : ( ذلك ) أي ذلك العذاب والعقاب الذي ذكره ( بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ) .

قال قائلون : النعمة التي أنعمها عليهم هم الرسل الذين [ في الأصل وم : التي ] بعثهم إليهم والكتب التي أنزلها عليهم ( لم يك مغيرا ) لتلك النعم ( حتى يغيروا ما بأنفسهم ) [ من التكذيب ][ في الأصل وم : بالتكذيب ] والرد وترك القبول ، وهو كقوله تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )[ الإسراء : 15 ] وقوله تعالى : ( وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلوا عليهم آياتنا )الآية[ القصص : 59 ] .

وقال قائلون : قوله تعالى : ( لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ) أي حتى يصرفوا شكر نعمة إلى غير الله ، ويعبدوا[ في الأصل وم : ويعبدون ] دونه ؛ أي يغيروا[ أدرج قبلها في الأصل وم : لا ] ما بأنفسهم ؛ يعبدون غير الله ، ويشكرون غير الذي أنعم عليهم . فعند ذلك يغير[ في الأصل وم : غير ] الله ما بهم من النعمة . وكذلك قال ابن عباس : [ تغيير ][ ساقطة من الأصل وم ] نعمة من النعم أن يتولوا[ في الأصل وم : تولوا ] عن شكرها يغيرها الله عليهم ، ويأخذها منهم .

وقوله تعالى : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ) يخرج على وجهين :

أحدهما : النعمة الدنياوية : لا تتغير تلك عليهم إلا بتغيير من قبلهم : إما بترك الشكر[ في الأصل وم : الشرك ] وإما بصرفه إلى غير الذي أنعمها عليهم ، ولو غيرت عليهم ببذل فليس ذلك في الحقيقة تغييرا[ في الأصل وم : تغيير ] .

[ والثاني : تحتمل النعمة[ النعمة ][ ساقطة من الأصل وم ] الدينية ؛ وهي[ في الأصل وم : وهو ] تكذيبهم الرسل وردهم الكتب بعدما أقسموا أنهم يكونون ( أهدى من إحدى الأمم )[ فاطر : 42 ] واختيارهم الشرك والكفر على الإسلام والتوحيد . فإذا اختاروا تغيير[ في الأصل وم التغيير ] ذلك غير عليهم ][ أدرج هذا الوجه في الأصل وم : بعد العبارة : وأخذ منهم ] .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( وأن الله سميع عليم ) قيل : أي ( سميع ) لشكر من يشكره ، ويحمده ( عليم ) لزيادة النعمة إذا شكر .

ويحتمل : ( سميع ) أي مجيب عليهم بمصالحهم/203-أ/ ويحتمل أنه ( سميع ) لما أسروا من القول ، وجهروا به ( عليم ) بما أضمروا من العمل والشرور .