السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (53)

وقوله تعالى :

{ ذلك } إشارة إلى ما حلّ بهم من العقاب { بأن } أي : بسبب أن { الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم } أي : مبدلاً لها بالنقمة { حتى يغيروا ما بأنفسهم } أي : بأن يبدّلوا ما بهم من الحال إلى حال أسوأ منه .

فإن قيل : فما كان من تغيير آل فرعون ومشركي مكة حتى غير الله تعالى نعمته عليهم ، ولم تكن لهم حال مرضية فيغيروها إلى حال مسخوطة أجيب : بأنه تعالى كما يغير الحال المرضية إلى المسخوطة يغير الحال المسخوطة ؟ إلى أسخط منها ، وأولئك كانوا قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم كفرة عبدة أوثان فلما بعث إليهم بالآيات البينات فكذبوه وعادوه وتحزبوا عليه ساعين في إراقة دمه غيروا حالهم إلى أسوأ مما كانت عليه فغير الله تعالى ما أنعم به عليهم من الإمهال وعاجلهم بالعذاب { وإنّ الله سميع } لما يقولون { عليم } بما يفعلون .