{ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ } أي : المملوء ماء ، قد سجره الله ، ومنعه من أن يفيض على وجه الأرض ، مع أن مقتضى الطبيعة ، أن يغمر وجه الأرض ، ولكن حكمته اقتضت أن يمنعه عن الجريان والفيضان ، ليعيش من على وجه الأرض ، من أنواع الحيوان وقيل : إن المراد بالمسجور ، الموقد الذي يوقد [ نارا ] يوم القيامة ، فيصير نارا تلظى ، ممتلئا على عظمته وسعته من أصناف العذاب .
{ والبحر المسجور } أى : المملوء بالماء ، يقال ، سجر فلان الحوض إذا ملأه بالماء .
أو المسجور : بمعنى : المملوء بالنار من السَّجْر ، وهو إيقاد النار فى التنور ، ومنه قوله - تعالى - : { . . . فِي الحميم ثُمَّ فِي النار يُسْجَرُونَ } والمراد بالبحر هنا : جنسه . قال ابن عباس : تملأ البحار كلها يوم القيامة بالنار ، فيزاد بها فى نار جهنم .
وبهذا نرى أن الله - تعالى - قد أقسم بخمسة أشياء من مخلوقاته ، للدلالة على وحدانيته ، وعلى شمول قدرته ، وعلى بديع صنعته .
وجواب هذا القسم قوله - سبحانه - : { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ }
واختلف الناس في معنى : { المسجور } فقال مجاهد وشمر بن عطية{[10629]} معناه : الموقد ناراً . ( وروي أن البحر هو جهنم ){[10630]} . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليهودي : أين جهنم ؟ فقال هي البحر ، فقال علي : ما أظنه إلا صادقاً ، وقرأ : { والبحر المسجور } ، [ ومنه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن البحر طبق جهنم » ]{[10631]} . قال الثعلبي : وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لا يركبن البحر إلا حاج أو معتمر أو مجاهد فإن تحت البحر ناراً » .
وفي حديث آخر : «فإن البحر نار في نار » . وقال قتادة : { المسجور } المملوء . وهذا معروف في اللغة . ورجحه الطبري بوجود نار البحر كذلك ، وإلى هذا يعود القول الأول لأن قولهم : سجرت التنور معناه : ملأتها بما يحترق ويتقد و : { البحر المسجور } المملوء ماء ، وهكذا هو معرض للعبرة ، ومن هذا قول النمر بن تولب : [ المتقارب ]
إذا شاء طالع مسجورة . . . ترى حولها النبع والسماسما
سقتها رواعد من صي . . . ف وإن من خريف فلن يعدما{[10632]}
يصف ثوراً أو عيناً مملوءة ماء ، وقال ابن عباس : هو الذي ذهب ماؤه ف { المسجور } : الفارغ ، ويروى أن البحار يذهب ماؤها يوم القيامة ، وهذا معروف في اللغة ، فهو من الأضداد{[10633]} وقيل يوقد البحر ناراً يوم القيامة فذلك هو سجره . وقال ابن عباس أيضاً : { المسجور } : المحبوس ، ومنه ساجور الكلب : وهو القلادة من عود أو حديد التي تمسكه ، وكذلك لولا أن البحر يمسك لفاض على الأرض . وقال علي بن أبي طالب أيضاً وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما : البحر المقسم به هو في السماء تحت العرش ، والجمهور على أنه بحر الدنيا ، ويؤيد ذلك قوله تعالى : { وإذا البحار سجرت }{[10634]} [ التكوير : 6 ] .
وقال منذر بن سعيد : إن المعنى هو القسم بجهنم وسماها بحراً لسعتها وتموجها كما قال صلى الله عليه وسلم في الفرس : «وإن وجدناه لبحرا »{[10635]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.