اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱلۡبَحۡرِ ٱلۡمَسۡجُورِ} (6)

قوله : «والبَحْر المَسْجُور » قيل : هو من الأضداد ، يقال : بَحْرٌ مَسْجُورٌ أي مملوء ، وبَحْرٌ مَسْجُورٌ أي فارغٌ{[53064]} . وروى ذو الرمة الشاعر عن ابن عباس - ( رضي الله عنهما ) {[53065]}- أنه قال : خرجت أُمةٌ لتَسْتَقي فَقَالَتْ : إِن الحَوْضَ مَسْجُورٌ ؛ أي فارغ{[53066]} . ويؤيد هذا أن البحار يذهب ماؤها يومَ القيامة .

وقيل : المسجور الممسوك ، ومنه ساجُور الكلب لأنه يمسكه ويحبسه{[53067]} . وقال محمد بن كعب القرظيّ والضَّحَّاكُ : يعني الموقَد المحمّى بمنزلة التَّنُّور المُحَمَّى ، وهو قول ابن عباس ( - رضي الله عنهما - ){[53068]} ؛ لما روى أن الله تعالى يجعل البحار كلها يوم القيامة ناراً فيزاد بها في نار جهنم كما قال تعالى : { وَإِذَا البحار سُجِّرَتْ } [ التكوير : 6 ] .

وروى عَبْدُ اللَّهِ بْن عُمَرَ - ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ) {[53069]} - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «لاَ يَرْكَبَنَّ رَجُلٌ بَحْراً إلاَّ غَازِياً أَوْ مُعْتَمِراً أَوْ حَاجًّا ، فَإِنَّ تَحْتَ البَحْرِ نَاراً وتَحْتَ النَّارِ بَحْراً » . وقال الربيع بن أنس : المسجور المختلط العذب بالمالح . وروى الضحاك عن النّزّال{[53070]} بن سَبْرَةَ{[53071]} عن علي أنه قال : البحر المسجور : هو بحر تحت العرش ، كما بين سبع سماوات إلى سبع أرضين فيه ماء غليظٌ ، يقال له : بحرُ الحيوان يمطر العباد منه بعد النفخة الأولى أربعين صباحاً فينبتون في قبورهم . وهذا قول مقاتل{[53072]} .

/خ6


[53064]:رواه صاحب اللسان عن أبي عليّ. وانظر اللسان "سجر" 1943 كما رواه أيضا عن أبي زيد.
[53065]:زيادة من (أ).
[53066]:وقال ابن أبي داود: ليس لذي الرمة حديث إلا هذا. وانظر القرطبي 17/61.
[53067]:اللسان سجر 1943.
[53068]:زيادة من (أ).
[53069]:زيادة من (أ).
[53070]:في (ب) البزار.
[53071]:وفي كلتا النسختين سَمُرة والتصحيح من البغوي.
[53072]:وانظر هذه الأقوال في تفسير البغوي 6/249.