{ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ مِنَ اللَّهِ } أي : ليس لهذا العذاب الذي استعجل به من استعجل ، من متمردي المشركين ، أحد يدفعه قبل نزوله ، أو يرفعه بعد نزوله ، وهذا حين دعا النضر بن الحارث القرشي أو غيره من المشركين{[1223]} فقال : { اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم } إلى آخر الآيات .
ثم وصف - سبحانه - العذاب بصفات أخرى ، غير الوقوع فقال : { لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ مِّنَ الله ذِي المعارج } واللام فى قوله { لِّلْكَافِرِينَ } بمعنى على . أو للتعليل .
أى : سأل سائل عن عذاب واقع على الكافرين ، هذا العذاب ليس له دافع يدفعه عنهم ، لأنه واقع من الله - تعالى - { ذِي المعارج } .
والمعارج جمع معرج ، وهو المصعد ، ومنه قوله - تعالى -
{ وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } وقد ذكر المفسرون فى المراد بالمعارج وجوها منها : أن المراد بها السموات ، فعن ابن عباس أنه قال أى : ذى السموات ، وسماها معارج لأن الملائكة يعرجون فيها .
ومنها : أن المراد بها : النعم والمنن . فعن قتادة أنه قال : ذى المعارج ، أى : ذى الفواضل والنعم . وذلك لأن لأياديه ووجوه إنعامه مراتب ، وهى تصل إلى الناس على مراتب مختلفة .
ومنها : أن المراد بها الدرجات التى يعطيها لأوليائه فى الجنة .
وفى وصفه - سبحانه - ذاته ب { ذِي الْمَعَارِجِ } : استحضار لصورة عظمة جلاله ، وإشعار بكثرة مراتب القرب من رضاه وثوابه ، فإن المعارج من خصائص منازل العظماء .
فأنت ترى أن الله - تعالى - قد وصف هذا العذاب الواقع على الكافرين . بجملة من الصفات ، لتكون رداً فيه ما فيه من التهديد والوعيد للجاحدين ، الذى استهزأوا به وأنكروه .
وقوله تعالى : { للكافرين } . قال بعض النحويين : اللام توصل المعنى توصيل «على »{[11314]} . وروي أنه في مصحف أبي بن كعب : «على الكافرين » ، وقال قتادة والحسن المعنى : كأن قائلاً قال لمن هذا العذاب الواقع ؟ فقيل { للكافرين } .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
فقال الله عز وجل: هذا العذاب الذي سأل النضر بن الحارث في الدنيا هو
{للكافرين} في الآخرة {ليس له دافع}... {من الله} يقول: لا يدفع عنهم أحد حين يقع بهم العذاب.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: ليس للعذاب الواقع على الكافرين من الله دافع يدفعه عنهم.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
والمعنى: اندفع عليهم وادي عذاب فذهب بهم وأهلكهم.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
{وَاقِعٍ لِلْكَافِرينَ} أي: مُرصد مُعَدّ للكافرين. وقال ابن عباس: {وَاقِعٍ} جاء {لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ} أي: لا دافع له إذا أراد الله كونه.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
وعبر باللام تهكماً منهم مثل {فبشرهم بعذاب} فقال: {للكافرين} أي الراسخين في هذا الوصف بمعنى: إن كان لهم في الآخرة شيء فهو العذاب، وقراءة نافع وابن عامر بتخفيف الهمزة أكثر تعجيباً أي اندفع فمه بالكلام وتحركت به شفتاه.
ولما أخبر بتحتم وقوعه علله بقوله: {ليس له} أي بوجه من الوجوه ولا حيلة من الحيل {دافع}.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والتقدير: هو للكافرين. واللام لشبه الملك، أي عذاب من خصائصهم كما قال تعالى: {فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين} [البقرة: 24]. ووصف العذاب بأنه واقع، وما بعده من أوصافه إلى قوله: {إنهم يرونه بعيداً} [المعارج: 6] إدماج معترض ليفيد تعجيل الإِجابة عما سأل عنه سائل بكلا معنيي السؤال لأن السؤال لم يحك فيه عذاب معين وإنما كان مُجْملاً لأن السائل سأل عن عذاب غير موصوف، أو الداعي دعا بعذاب غير موصوف، فحكي السؤال مجملاً ليرتب عليه وصفه بهذه الأوصاف والتعلقات، فينتقل إلى ذكر أحوال هذا العذاب وما يحفّ به من الأهوال.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.