فأجاب تعالى عن هذا الاستبعاد بجواب شاف كاف ، فقال : { قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ } وهذا بمجرد تصوره ، يعلم به علما يقينا لا شبهة فيه ، أن الذي أنشأها أول مرة قادر على الإعادة ثاني مرة ، وهو أهون على القدرة إذا تصوره المتصور ، { وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ }
هذا أيضا دليل ثان من صفات اللّه تعالى ، وهو أن علمه تعالى محيط بجميع مخلوقاته في جميع أحوالها ، في جميع الأوقات ، ويعلم ما تنقص الأرض من أجساد الأموات وما يبقى ، ويعلم الغيب والشهادة ، فإذا أقر العبد بهذا العلم العظيم ، علم أنه أعظم وأجل من إحياء اللّه الموتى من قبورهم .
ثم لقن الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم الجواب الذى يخرس ألسنة المنكرين للبعث فقال : { قُلْ يُحْيِيهَا الذي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } . . .
أى : قل - أيها الرسول الكريم - لهؤلاء الجاهلين المنكرين لإِعادة الحياة إلى الأجساد بعد موتها ، قل لهم : يحيى هذه الأجسام والأجساد البالية ، الله - تعالى - الذى أوجدها من العدم دون أن تكون شيئاً مذكوراً ، ومن قدر على إيجاد الشئ من العدم قادر من باب أولى على إعادته بعد هلاكه . وهو - سبحانه - بكل شئ فى هذا الوجود عليم علماً تاماً ، لا يخفى عليه شئ فى الأرض ولا فى السماء ، سواء أكان هذا الشئ صغيراً أم كبيراً ، مجموعاً أم مفرقا .
قال الشوكانى : وقد استدل أبو حنيفة وبعض أصحاب الشافعى بهذه الآية على أن العظام مما تحله الحياة - أى أنها بعد الموت تكون نجسة .
وقال الشافعى : لا تحله الحياة ، وأن المراد بقوله : { مَن يُحيِي العظام } من يحيى أصحاب العظام على تقدير مضاف محذوف . ورد بأن هذا التقدير خلاف الظاهر
{ قل يحييها الذي أنشأها أول مرة } فإن قدرته كما كانت لامتناع التغير فيه والمادة على حالها في القابلية اللازمة لذاتها . { وهو بكل خلق عليم } يعلم تفاصيل المخلوقات بعلمه وكيفية خلقها ، فيعلم أجزاء الأشخاص المتفتتة المتبددة أصولها وفصولها ومواقعها وطريق تمييزها ، وضم بعضها إلى بعض على النمط السابق وإعادة الأعراض والقوى التي كانت فيها أو إحداث مثلها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.