المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَسۡمِعۡ بِهِمۡ وَأَبۡصِرۡ يَوۡمَ يَأۡتُونَنَا لَٰكِنِ ٱلظَّـٰلِمُونَ ٱلۡيَوۡمَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (38)

38- ما أشد سمعهم وأقوى بصرهم يوم يلقون الله ! ! لكنهم اليوم في الدنيا بظلمهم أنفسهم ، وتركهم الانتفاع بالسمع والبصر في ضلال عن الحق ، ظاهر لا يخفى .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَسۡمِعۡ بِهِمۡ وَأَبۡصِرۡ يَوۡمَ يَأۡتُونَنَا لَٰكِنِ ٱلظَّـٰلِمُونَ ٱلۡيَوۡمَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (38)

{ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا ْ } أي : ما أسمعهم وما أبصرهم في ذلك اليوم ! . فيقرون بكفرهم وشركهم وأقوالهم ، ويقولون : { ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ْ } ففي القيامة ، يستيقنون حقيقة ما هم عليه .

{ لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ْ } وليس لهم عذر في هذا الضلال ، لأنهم بين معاند ضال على بصيرة ، عارف بالحق ، صارف عنه ، وبين ضال عن طريق الحق ، متمكن من معرفة الحق والصواب ، ولكنه راض بضلاله وما هو عليه من سوء أعماله ، غير ساع في معرفة الحق من الباطل ، وتأمل كيف قال : { فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ْ } بعد قوله { فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ ْ } ولم يقل " فويل لهم " ليعود الضمير إلى الأحزاب ، لأن من الأحزاب المختلفين ، طائفة أصابت الصواب ، ووافقت الحق ، فقالت في عيسى : " إنه عبد الله ورسوله " فآمنوا به ، واتبعوه ، فهؤلاه مؤمنون ، غير داخلين في هذا الوعيد ، فلهذا خص الله بالوعيد الكافرين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَسۡمِعۡ بِهِمۡ وَأَبۡصِرۡ يَوۡمَ يَأۡتُونَنَا لَٰكِنِ ٱلظَّـٰلِمُونَ ٱلۡيَوۡمَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (38)

وقوله - سبحانه - { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا } تهكم بهم ، وتوعد لهم بالعذاب الشديد ، فهو تأكيد لما قبله .

و { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ } صيغتا تعجب ، لفظهما لفظ الأمر ، ومعناهما التعجيب ، أى حمل المخاطب على التعجيب ، وفاعلهما الضمير المجرور بالباء ، وهى زائدة فيهما لزوما ، والمعنى : ما أسمع هؤلاء الكافرين وما أبصرهم فى ذلك اليوم ، لما يخلع قلوبهم ، ويسود وجوههم ، مع أنهم كانوا فى الدنيا صماً وعمياناً عن الحق الذ جاءتهم به رسلهم .

فالمراد باليوم فى قوله { لكن الظالمون اليوم فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } هو ما كانوا فيه فى الدنيا من ضلال وغفلة عن الحق .

أى : أن هؤلاء القوم ما أعجب حالهم إنهم لا يسمعون ولا يبصرون فى الدنيا حين يكون السمع والبصر وسيلة للهدى والنجاة . وهم أسمع ما يكون السمع وأبصر ما يكون البصر ، عندما يكون السمع والبصر وسيلة للخزى والعذاب فى الآخرة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَسۡمِعۡ بِهِمۡ وَأَبۡصِرۡ يَوۡمَ يَأۡتُونَنَا لَٰكِنِ ٱلظَّـٰلِمُونَ ٱلۡيَوۡمَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (38)

يقول تعالى مخبرًا عن الكفار [ يوم القيامة ]{[18841]} أنهم أسْمَعُ شيء وأبْصَرُه كما قال تعالى : { وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ } [ السجدة : 12 ] أي : يقولون ذلك حين لا ينفعهم ولا يجدي{[18842]} عنهم شيئًا ، ولو كان هذا قبل معاينة العذاب ، لكان نافعًا لهم ومنقذًا من عذاب الله ، ولهذا قال : { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ }{[18843]} أي : ما أسمعهم وأبصرهم { يَوْمَ يَأْتُونَنَا } يعني : يوم القيامة { لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ } أي : في الدنيا { فِي ضَلالٍ مُبِينٍ } أي : لا يسمعون ولا يبصرون ولا يعقلون ، فحيث يطلب منهم الهدى لا يهتدون ، ويكونون مطيعين حيث لا ينفعهم ذلك .


[18841]:زيادة من ف، أ.
[18842]:في ت: "يجزي".
[18843]:في أ: "به".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَسۡمِعۡ بِهِمۡ وَأَبۡصِرۡ يَوۡمَ يَأۡتُونَنَا لَٰكِنِ ٱلظَّـٰلِمُونَ ٱلۡيَوۡمَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (38)

{ أسمع بهم وأبصر } صيغتا تعجب ، وهو تعجب على لسان الرسول والمؤمنين ، أو هو مستعمل في التعجيب ، والمعنيان متقاربان ، وهو مستعمل كناية أيضاً عن تهديدهم ، فتعيّن أن التعجيب من بلوغ حالهم في السوء مبلغاً يتعجب من طاقتهم على مشاهدة مناظره وسماع مكارهه . والمعنى ؛ ما أسمعهم وما أبصرهم في ذلك اليوم ، أي ما أقدرهم على السمع والبَصَر بما يكرهونه . وقريب هو من معنى قوله تعالى : { فما أصبرهم على النار } [ البقرة : 175 ] .

وجُوز أن يكون { أسمع بهم وأبصر } غير مستعمل في التعجب بل صادفَ أن جاء على صورة فعل التعجب ، وإنما هو على أصل وضعه أمر للمخاطب غير المعيّن بأن يَسمع ويُبصر بسببهم ، ومعمول السمع والبصر محذوف لقصد التعميم ليشمل كل ما يصح أن يُسمع وأن يُبصر . وهذا كناية عن التهديد .

وضمير الغائبين عائد إلى ( الذين كفروا ) ، أي أعجب بحالهم يومئذ من نصارى وعبدة الأصنام .

والاستدراك الذي أفاده قوله { لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين } راجع إلى ما يفيده التقييد بالظرف في قوله { يوم يأتوننا } من ترقب سوء حالهم يوم القيامة الذي يقتضي الظن بأنهم الآن في سعة من الحال . فأفيد أنهم متلبسون بالضلال المبين وهو من سوء الحال لهم لما يتبعه من اضطراب الرأي والتباس الحال على صاحبه . وتلك نكتة التقييد بالظرف في قوله { اليوم في ضلال مبين } .

والتعبير عنهم ب { الظالمون } إظهار في مقام الإضمار . ونكتته التخلص إلى خصوص المشركين لأن اصطلاح القرآن إطلاق الظالمين على عبدة الأصنام وإطلاق الظلم على عبادة الأصنام ، قال تعالى : { إن الشرك لظلم عظيم } [ لقمان : 13 ] .