ثم ذكر - سبحانه - مقالة ثالثة لها فقال : { أَوْ تَقُولَ } هذه النفس { حِينَ تَرَى العذاب } فى الآخرة { لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً } أى رجعة إلى الدنيا { فَأَكُونَ } فيها { مِنَ المحسنين } لأقوالهم وأفعالهم ، وعقائدهم ، بحيث أخلص العبادة لله - تعالى - وأطيعه فى السر والعلن .
وهكذا يصور القرآن الكريم أحوال النفوس فى الآخرة ، تصوير مؤثرا بليغاً ، يحمل كل عاقل على الإِيمان الصالح الذى ينفعه فى ذلك اليوم الهائل الشديد .
{ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } أي : تود أن لو{[25230]} أعيدت إلى الدار فتحسن{[25231]} العمل .
قال علي بن أبي طلحة : عن ابن عباس : أخبر الله سبحانه{[25232]} ، ما العباد قائلون قبل أن يقولوه ، وعملهم قبل أن يعملوه{[25233]} ، وقال : { وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } [ فاطر : 14 ] ، { أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } فأخبر الله تعالى : أن لو رُدوا لما قدروا على الهدى ، وقال تعالى : { وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [ الأنعام : 28 ] .
وقد قال{[25234]} الإمام أحمد : حدثنا أسود ، حدثنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول : لو أن الله هداني ؟ ! فتكون عليه حسرة » . قال : «وكل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول : لولا أن الله هداني ! » قال : «فيكون له الشكر » .
ورواه النسائي من حديث أبي بكر بن عياش ، به{[25235]} .
وقد قرر بعض الناس الكلام : أنه لي أن أكر فأكون ، ذكره الطبري ، وهذا الكون في هذه الآية داخل في التمني{[9921]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.