الآيات 56 و57 و58 : وقوله تعالى : { أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ } [ وقوله تعالى ]{[18019]} : { أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } [ وقوله تعالى ]{[18020]} : { أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } كان كل ذلك صلة ما تقدم من قوله : { وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له } { واتّبِعوا أحسن ما أُنزل إليكم من ربكم من قبل } أن يقول ما ذكر في وقت لا ينفعه ذلك القول ، ولا يغنيه من عذاب الله ، ولا يدفعه .
ثم قوله : { على ما فرّطت في جنب الله } قال بعضهم : في ذات الله ، وقال بعضهم : ما فرّطت ، وضيّعت من أمر الله ، وأمثال ذلك .
ولسنا نحتاج إلى تفسير قول ذلك الرجل الذي كان منه حتى قال ذلك ، وهو تضييع توحيد الله أو تضييع حدّ الله ، أو كان منه من تكذيب البعث ؛ يتأسف على ما كان منه من تضييع ما ذكرنا من توحيد الله وحدوده أو كفران نعمه أو إنكاره ما ذكرنا من البعث ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وإن كنت لمن الساخرين } قال بعضهم : { وإن كنت لمن الساخرين } من القرآن . وقال بعضهم : من أهل توحيد الله .
قال قتادة : لم يكتف أن ضيّع طاعة الله حتى جعل يسخر من أهل طاعته ، وقال : هذا قول ضعيف منهم .
وقوله عز وجل : { أو تقول حين ترى العذاب } إلى آخره قول ضعيف منهم . جائز ما قال : إن كل قول من ذلك قول ضعيف على ما قال قتادة . وجائز أن يكون كل ذلك من كل كافر ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { لو أن الله هداني لكنت من المتقين } ذلك الكافر الذي قال هذا القول أعرف بهداية الله من المعتزلة . وكذلك ما قال أولئك الكفرة لأتباعهم حين{[18021]} { قالوا لو هدانا الله لهديناكم } [ إبراهيم : 21 ] يقولون : لو وفّقنا الله للهداية ، وأعطانا الهدى لدعوناكم إليه . ولكن حين{[18022]} علم منا اختيار الضلال والغواية وترك الرغبة إلى الهدى والاستخفاف به أضلّنا ، وخذلنا ، ولم يوفّقنا .
والمعتزلة يقولون : بل هداهم الله ، وأعطاهم التوفيق ، لكنهم لم يهتدوا .
فإن قيل : هذا قول أهل الكفر ، فلا دلالة فيه لما يذكرون ، قيل : وإن كان ذلك قول الكفرة ، فذلك القول منهم عند معاينة العذاب . فلو كان على خلاف ما ذكروا لكان الله يكذّبهم في ذلك كما كذّبهم في أشياء حين{[18023]} قالوا : { فارجعنا نعمل صالحا } [ السجدة : 12 ] فقال الله عز وجل : { ولو رُدّوا لعادوا لما نُهوا عنه } [ الأنعام : 28 ] ونحوه ، والله أعلم .
والأصل في الهداية أن عند الله لطفا{[18024]} ، من أعطى ذلك لاهتدى ، وهو التوفيق والعصمة ، ومن حرم ذلك ، ولم يعطِه ضلّ ، وغوى ، ويكون استوجب{[18025]} العذاب وما ذكر لتركه الرغبة في ذلك والاستخفاف به وتضييعه واشتغاله بضده . لذلك كان ما ذكرنا ، والله أعلم .
وقوله عز وجل : { لكنت من المتقين } الشرك أو المهالك ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرّة } أي رجوعا { فأكون من المحسنين } قيل : من الموحّدين ، ويحتمل كل إحسان وطاعة ، والله أعلم .
وقد كذّبه الله عز وجل في قوله هذا حين{[18026]} قال { ولو رُدّوا لعادوا لما نهوا عنه } [ الأنعام : 28 ] ثم [ كذّبه في قوله ]{[18027]} { لو أن الله هداني لكنت من المتقين } وفي قوله{[18028]} : { لو أن لي كرّة فأكون من المحسنين } [ حين{[18029]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.