اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَوۡ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلۡعَذَابَ لَوۡ أَنَّ لِي كَرَّةٗ فَأَكُونَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (58)

النوع الثالث : { أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى العذاب } عياناً { لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً } رجعة إلى الدنيا { فَأَكُونَ مِنَ المحسنين } الموحدين .

فتحسروا أولاً : على التفريط في طاعة الله ، وثانياً : عللوا بفقد الهداية ، وثالثاً : تَمَنوا الرَّجْعَة .

قوله : { فَأَكُونَ } في نصبه وجهان :

أحدهما : عطفه على «كَرَّةً » فإنها مصدر ، فعطف مصدراً مؤولاً على مصدر مصرَّح به كقولها{[47613]} :

4308- لَلْبْسُ عَبَاءَةٍ وتَقَرَّ عينِي . . . أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ لُبْس الشُّفُوف{[47614]}

وقول الآخر :

4309- فما لك منها غير ذكرى وحسرة . . . وتسأل عن ركبانها أين يمموا{[47615]}

والثاني : أنه منصوب على جواب التمني{[47616]} المفهوم من قوله : { لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً }{[47617]} والفرق بين الوجهين أن الأول يكون فيه الكون مُتَمنَّى ويجوز أن تضمر «أن » وأن تُظْهرَ والثاني يكون فيه الكون مترتباً على حصول المتمني لا متمنّىي ويجب أن تضمر «أن »{[47618]} .


[47613]:الدر المصون 4/658 والبحر 7/436 والفراء في المعاني 2/422 قال: "جعلته مردودا على تأويل أن تضمرها في الكرة كما تقول لو أن لي أن أكر فأكون".
[47614]:من الوافر وهو لميسون بنت بحدل وشاهده نصب "تقر" بأن مضمرة جوازا حيث وقعت بعد واو العطف وقد تقدم.
[47615]:رواه الفراء "وحسبة". وهو من الطويل. وشاهده كسابقه من عطف المصدر المؤول وهو "وتسأل" المضمر بعد واو جوازا عطفا على اسم خالص أو مصدر صريح وهو: "وحسرة" وانظر: معاني الفراء 2/423 والدر المصون 4/658، وجامع البيان للطبري 24/14 والبحر المحيط 7/436 والقرطبي 15/272.
[47616]:وهو أحد الأنواع التي تدخل تحت الطلب من الاستفهام والعرض والتمني والرجاء، والأمر والنهي، والدعاء والطلب أحد النوعين أيضا اللذين ينصب المضارع بعد فاء السببية أقصد النفي والطلب فالنفي مثل: ما تأتينا فتحدثنا.
[47617]:وقال بهذا الوجه أيضا الفراء في المعاني 2/422.
[47618]:بالمعنى من البحر المحيط 2/436 وباللفظ من الدر المصون 4/659.