{ 4 - 6 } { وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ }
هذا إخبار منه تعالى عن إعراض المشركين ، وشدة تكذيبهم وعداوتهم ، وأنهم لا تنفع فيهم الآيات حتى تحل بهم المثلات ، فقال : { وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِم } الدالة على الحق دلالة قاطعة ، الداعية لهم إلى اتباعه وقبوله { إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِين } لا يلقون لها بالا ، ولا يصغون لها سمعا ، قد انصرفت قلوبهم إلى غيرها ، وولوها أدبارَهم .
ثم صور - سبحانه - طبيعة الجاحدين الذين هم - لانطماس بصائرهم وإصرارهم على العناد - غدوا لا يجدى معهم دليل ولا تنفع معهم حجة ، وساق لهم أخبار من سبقوهم . فقال - تعالى - : { وَمَا تَأْتِيهِم . . . } .
المعنى الإجمالى للآية الأولى : أن هؤلاء الجاحدين لرسالات الله ، لا تأتيهم معجزة من المعجزات الدالة على صدقك - يا محمد - فيما تبلغه عن ربك إلا تلقوها بالإعراض ، واستقبلوها بالنبذ والاستخفاف .
فالآية الكريمة ، كلام مستأنف سيق لبيان كفرهم بآيات الله - تعالى - وإعراضهم عنها بالكلية بعد بيان كفرهم بالله - تعالى - وإعراضهم عن بعض آيات التوحيد . وامترائهم فى البعث ، وإعراضهم عن أدلته .
و { مِّنْ } الأولى لاستغراق الجنس الذى يقع فى حيز النفى ، كقولك : ( ما آتانى من أحد ) والثانية للتبعيض ، أى : ما يظهر لهم دليل قط من الأدلة التى توجب النظر والتأمل والاعتبار ، إلا أهملوه وأعرضوا عنه . لقسوة قلوبهم وعدم تدبرهم للعواقب .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وما تأتي هؤلاء الكفار الذين بربهم يعدلون أوثانهم وآلهتهم "آيةٍ مِنْ آياتِ رَبّهِمْ "يقول: حجة وعلامة ودلالة من حجج ربهم ودلالاته وأعلامه على وحدانيته وحقيقة نبوّتك يا محمد وصدق ما أتيتهم به من عندي، "إلاّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ": إلا أعرضوا عنها، يعني عن الآية، فصدّوا عن قبولها والإقرار بما شهدت على حقيقته ودلت على صحته، جهلاً منهم بالله واغترارا بحلمه عنهم.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين} يحتمل {وما تأتيهم من آية من آيات} التوحيد. أو من آيات إثبات رسالة محمد ونبوته صلى الله عليه وسلم في إثبات البعث والنشور بعد الموت لما أخبر أنه خلقهم من طين، فإذا ماتوا صاروا ترابا. فإذا كان بدء إنشائهم من طين، فإذا عادوا إليه يقدر على إنشائهم ثانيا، إذ ليس إنشاء الثاني بأعسر من الأول. ثم تحتمل الآيات آيات القرآن، وتحتمل الآيات ما كان أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الآيات سوى آيات القرآن. ثم أخبر عن تعنتهم ومكابرتهم بقوله: {وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين} فإذا أعرضوا عنها لم ينتفعوا بها ليعلم الله أنه إنما ينتفع بالآيات من تأملها، ونظر فيها لا من أعرض عنها...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
"من" في {مِّنْ ءَايَةٍ} للاستغراق. وفي {من آيات ربهم} للتبعيض. يعني: وما يظهر لهم دليل قط من الأدلة التي يجب فيها النظر والاستدلال والاعتبار، إلا كانوا عنه معرضين: تاركين للنظر لا يلتفتون إليه ولا يرفعون به رأساً، لقلة خوفهم وتدبرهم للعواقب.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
{وما تأتيهم} الآية {ما} نافية و {من} الأولى هي الزائدة التي تدخل على الأجناس بعد النفي، فكأنها تستغرق الجنس، و {من} الثانية للتبعيض، والآية العلامة و الدلالة والحجة،... وتضمنت هذه الآية مذمة هؤلاء الذين يعدلون بالله سواه بأنهم يعرضون عن كل آية ترد عليهم...
قوله تعالى {وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين} اعلم أنه تعالى لما تكلم، أولا: في التوحيد، وثانيا: في المعاد، وثالثا: فيما يقرر هذين المطلوبين، ذكر بعده ما يتعلق بتقرير النبوة وبدأ فيه بأن بين كون هؤلاء الكفار معرضين عن تأمل الدلائل، غير ملتفتين إليها وهذه الآية تدل على أن التقليد باطل. والتأمل في الدلائل واجب. ولولا ذلك لما ذم الله المعرضين عن الدلائل...
جهود القرافي في التفسير 684 هـ :
تقديره: ما تأتيهم في حالة من الأحوال إلا في حالة كونهم معرضين عنها، ولا تأتيهم في حالة إقبالهم عليها.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
فلما تظاهرت الأدلة وتظافرت الحجج وهم عنها ناكبون، وصل بذلك في جملة حالية قولَه، معرضاً عنهم إيذاناً باستحقاقهم شديد الغضب: {وما تأتيهم} أي هؤلاء الذين هم أهل للإعراض عنهم، وأعرق في النفي بقوله: {من آية} أي علامة على صحة ما دعاهم إليه رسولهم صلى الله عليه وسلم، وبعض بقوله: {من آيات ربهم} أي المحسن إليهم بنصب الأدلة وإفاضة العقول وبعث الرسول {إلاّ كانوا عنها معرضين} أي هذه صفتهم دائماً قصداً للعناد لئلا يلزمهم الحجة، ويجوز أن يكون ذلك معطوفاً على "يعدلون".
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :
{وَمَا تَأْتِيهِم منْ آيَةٍ منْ آيات رَبّهِمْ} كلام مستأنَفٌ واردٌ لبيان كفرهم بآيات الله وإعراضِهم عنها بالكلية بعد ما بيّن في الآية الأولى إشراكَهم بالله سبحانه وإعراضَهم عن بعض آيات التوحيد، وفي الآية الثانية امتراءَهم في البعث وإعراضَهم عن بعض آياته. والالتفاتُ للإشعار بأن ذكْرَ قبائحِهم قد اقتضى أن يضرِبَ عنهم الخطابَ صفحاً، وتعددُ جناياتهم لغيرهم ذماً لهم وتقبيحاً لحالهم، فما نافية، وصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية، أو للدلالة على الاستمرار التجدُّديّ...وإضافةُ الآيات إلى اسم الربِّ المضافِ إلى ضميرهم لتفخيم شأنها المستتْبِعِ لتهويل ما اجترأوا عليه في حقها. والمراد بها إما الآياتُ التنزيليةُ فإتيانُها نزولُها، والمعنى ما ينزِلُ إليهم آيةٌ من الآيات القرآنية التي من جملتها هاتيك الآياتُ الناطقةُ بما فُصِّل من بدائعِ صنعِ الله عز وجل المُنْبئةِ عن جَرَيان أحكام ألوهيتِه تعالى على كافة الكائنات، وإحاطةِ علمه بجميع أحوالِ الخلقِ وأعمالهم الموجبةِ للإقبال عليها والإيمانِ بها {إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ} أي على وجه التكذيبِ والاستهزاء...
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
أرشدت الآيات الثلاث السابقة إلى دلائل وحدانية الله تعالى في ربوبيته وألوهيته، وأنها على ظهورها لم تمنع الكافرين من الشرك في الألوهية؛ وأرشدت إلى دلائل البعث وإلى أنها على قوتها لم تمنع المشركين من الشك فيه؛ وبينت الثالثة أن الله تعالى المتصف بالصفات التي يعرفونها ولا ينكرونها هو الله في عالمي السموات والأرض، المحيط علمه بكل شيء، فلا ينبغي أن يتخذ معه إلاه فيهما. ولكن المشركين جهلوا ذلك فجوزوا أن يكون غير الرب إلاها وعبدوا معه آلهة أخرى، فبين لهم الوحي الحق في ذلك وأن الله الذي يعترفون بأنه هو رب السموات والأرض وما فيهن هو الإله المعبود بالحق فيهن – ثم أرشدت هذه الآيات الثلاث اللاحقة سبب عدم اهتدائهم بالوحي، وأنذرتهم عاقبة التكذيب بالحق، ويتلو ذلك في الآيات التي بعدهن كشف شبهاتهم على الوحي وبعثة النبي عليه الصلاة والسلام، فيكون الكلام في أصول الدين كلها وكل السورة تفصيل له.
قال عز وجل: {وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين (4)} أي لم يكن كل أمرهم أنهم لم يستدلوا بما ذكر في الآية الأولى من البينات على التوحيد، ولا بما ذكر في الثانية على البعث، ولم ينظروا فيما يستلزمه كونه سبحانه هو الله في السموات وفي الأرض، المحيط علمه بالسر والجهر وكسب العبد، بل يرونها في الآفاق وفي أنفسهم، عدم الاهتداء بالآيات المتجددة التي تهديهم إلى تلك وتبين لهم وجه دلالتها، وهي آيات القرآن، المرشدة إلى آيات الأكوان، والمثبتة لنبوة محمد عليه الصلاة والسلام، وفي معناها كل ما يدل على نبوته صلى الله عليه وسلم من معجزات، وذلك أنهم لا تأتيهم آية من الآيات من عند ربهم – ولا يقدر عليها غيره – إلا كانوا معرضين عنها، غير متدبرين لمعناها، ولا ناظرين فيما تدل عليه وتستلزمه فيهتدوا به. وأصل الإعراض: التولي عن الشيء الذي يظهر به عرض المتولي المدبر عنه. أي فهم لهذا الإعراض عن النظر في الآيات المنزلة وما فيها من الإعجاز العلمي واللفظي يظلون معرضين عن الآيات الكونية الدائمة الدالة على أن هذا الرب الواحد الذي بيده ملكوت كل شيء هو الحقيق بالألوهية وحده، وأنه لا يجوز أن يدعي غيره ولا أن يعبد سواه، لأن الربوبية والألوهية متلازمان. فالآيات الدالة على أن الرب واحد دالة أيضا على أنه هو الإله وحده، ولولا إعراضهم عن النظر في ذلك والتأمل فيه عنادا من رؤسائهم، وجمودا على التقليد من دهمائهم، المانع من النظر والاستدلال، لظهر لهم ظهورا لا يحتمل المراء ولا يقبل الجدال، فالآية معطوفة على ما قبلها متممة لمعناه، والمضارع المنفي فيها على إطلاقه دال على التجدد والاستمرار، أو على بيان الشؤون وشرح الحقائق – كقوله تعالى: {الله يعلم ما تحمل كل أنثى} [الرعد: 8] – فلا يلاحظ فيه حال ولا استقبال، وفي معنى هذه الآية آية أول سورة الشعراء وسيأتي قريبا، وآية في أول سورة الأنبياء وهي: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث استمعوه وهم يلعبون * لاهية قلوبهم} [الأنبياء: 2، 3].
وقوله: « من آية» يدل على استغراق النفي أو تأكيده. وإضافة الآيات إلى الرب تفيد أن إنزاله الوحي وبعثه للرسل وتأييدهم وهدايته للخلق بهم من مقتضى ربوبيته أي مقتضى كونه هو السيد المالك المربي لخلقه المدبر لأمورهم على الوجه الموافق للحكمة. وأنه لا يقدر عليه غيره – فالذين يؤمنون بالرب ولا يؤمنون بكتبه ورسله. يجهلون قدر ربوبيته وكنه حكمته ورحمته. وقيل إن المراد بالآيات هنا الدلائل الكونية الثابتة، وهو ضعيف فإن هذه لا يكاد يعبر عنها بالإتيان، لأنها مائلة للبصائر والأبصار، وإنما يعبر بالإتيان عن آيات الوحي التي تتجدد وعما يتجدد مثلها من المعجزات، ومصداق الأخبار بالغيب، كالأخبار بنصر الرسل وخذلان أقوامهم وآيات الساعة. مثال ذلك آيتا الأنبياء والشعراء المشار إليهما آنفا وقوله تعالى: {أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات} [غافر: 40] {وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها} [الأعراف: 132] {أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله} [يوسف: 107].
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
هذه هي الموجة التالية في افتتاح السورة؛ بعد الموجة الأولى ذات اللمسات العريضة.. الموجة التي غمرت الكون كله بحقيقة الوجود الإلهي متجلية في خلق السماوات والأرض، منشئة للظلمات والنور؛ ثم في خلق الإنسان من مادة هذه الأرض؛ وتقدير أجله الذي ينتهي بالموت؛ والاحتفاظ بسر الأجل الآخر المضروب للبعث؛ والإحاطة بسر الناس وجهرهم، وما يكسبون في السر والجهر.. هذا الوجود الإلهي الذي يتجلى في الآفاق والأنفس، هو وجود متفرد متوحد؛ ليس مثله وجود؛ لأنه ما من خالق غير الله؛ كما أنه وجود غامر باهر قاهر يبدو التكذيب في ظله والإعراض عن هذه الآيات الهائلة، منكرا قبيحا، لا سند له، ولا عذر لصاحبه.. ومن ثم يعرض السياق موقف المشركين الذين يعارضون الدعوة الإسلامية في ظل هذا الوجود الغامر الباهر القاهر؛ فيبدو هذا الموقف منكرا قبيحا، حتى في حس أصحابه الذين يواجههم هذا القرآن بهذه الحقيقة! ويكسب القرآن المعركة في الجولة الأولى. يكسبها في أعماق فطرة الناس، على الرغم من مكابرتهم ومن عنادهم الظاهرين! وهو يعرض في هذه الموجة صورة العناد والمكابرة؛ ويواجهها بالتهديد مرة؛ وبتوجيه القلوب إلى مصارع المكذبين من قبل مرة؛ ويحشد فيها عدة مؤثرات وموحيات. بعد الهزة الأولى التي مضت بها تلك الموجة العريضة.
كأن الآيات الدالة على صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صدق البلاغ عن ربه لا تقنعهم، بل يعرضون عنها، مع أن الواجب كان يقتضي أن يرهفوا الآذان لما يحل لهم لغز الحياة. وما زال الإعراض مستمرا حتى زماننا هذا بالرغم من أننا توصلنا إلى معرفة العمر الافتراضي لبعض الأشياء التي من صناعتنا مثل مصباح الكهرباء الذي يتغير بعد كل فترة، وغيره من الأجهزة، ولكنا لا نعرف العمر الافتراضي للشمس ولم تحتج إلى صيانة ذات مرة، ولم نجد من يسأل: (وكيف يحدث كل هذا الإعجاز)؟. وقد أتى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليبين لنا أن الذي خلق الخلق كله يخبرنا بمطلوبه ويفسر لنا الكون، ولكن الإنسان يعرض عن ذلك. إن أول (مطب) يقع فيه الإنسان، أنه تأتيه الآيات التي تدل على لغز هذا الوجود من خالق الوجود، وكيفية تدبير الكون قبل وجود الإنسان، وكيفية جعل ما في الكون من قوت يقيم به حياته ويستبقي نوعه، وبرغم ذلك ينصرف عن سماع كل ذلك.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
قلنا: إِنّ معظم الخطاب في سورة الأنعام موجه إِلى المشركين، والقرآن يستخدم شتى السبل لإِيقاظهم وتوعيتهم، فهذه الآية والآيات الكثيرة التي تليها تواصل هذا الموضوع. تشير هذه الآية إِلى روح العناد واللامبالاة والتكبر عند المشركين تجاه الحقّ وتجاه آيات الله فتقول: (وما تأتيهم من آية من آيات ربّهم إِلاّ كانوا عنها معرضين). أي أنّ أبسط شروط الهداية وهو البحث والتقصي غير موجود عندهم، وليس فيهم أي اندفاع لطلب الحقيقة، ولا يحسّون بعطش إِليها ليبحثوا عنها، وحتى لو تدفّق ينبوع الماء الزلال عند عتبات بيوتهم لأعرضوا عنه ولما نظروا إليه... وكذلك فهم يعرضون عن آيات «ربّهم» النازلة لتربيتهم وتكاملهم. مثل هذه النفسية لا يقتصر وجودها على عهود الجاهلية ومشركي العرب، فاليوم أيضاً نجد من بلغ الستين من عمره ومع ذلك لم يجشم نفسه عناء ساعة واحدة من البحث والتحقيق في الله والدين، وإِن وقع بيده كتاب أو بحث في هذا الموضوع لم ينظر إَليه، وإِن تحدث إِليه أحد بهذا الشأن لم يصغ إِليه، هؤلاء هم الجهلاء المعاندون الغافلون الذين قد يظهرون أحياناً أمام الناس بمظهر العالم المتجبر!