{ وَمَا تَأْتِيهِم منْ آيَةٍ منْ آيات رَبّهِمْ } كلام مستأنَفٌ واردٌ لبيان كفرهم بآيات الله وإعراضِهم عنها بالكلية بعد ما بيّن في الآية الأولى إشراكَهم بالله سبحانه وإعراضَهم عن بعض آيات التوحيد ، وفي الآية الثانية امتراءَهم في البعث وإعراضَهم عن بعض آياته . والالتفاتُ للإشعار بأن ذكْرَ قبائحِهم قد اقتضى أن يضرِبَ عنهم الخطابَ صفحاً ، وتعددُ جناياتهم لغيرهم ذماً لهم وتقبيحاً لحالهم ، فما نافية ، وصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية ، أو للدلالة على الاستمرار التجدُّديّ ، و( مِنْ ) الأولى مزيدة للاستغراق ، والثانيةُ تبعيضيةٌ واقعةٌ مع مجرورها صفةً لآية ، وإضافةُ الآيات إلى اسم الربِّ المضافِ إلى ضميرهم لتفخيم شأنها المستتْبِعِ لتهويل ما اجترأوا عليه في حقها . والمراد بها إما الآياتُ التنزيليةُ فإتيانُها نزولُها ، والمعنى ما ينزِلُ إليهم آيةٌ من الآيات القرآنية التي من جملتها هاتيك الآياتُ الناطقةُ بما فُصِّل من بدائعِ صنعِ الله عز وجل المُنْبئةِ عن جَرَيان أحكام ألوهيتِه تعالى على كافة الكائنات ، وإحاطةِ علمه بجميع أحوالِ الخلقِ وأعمالهم الموجبةِ للإقبال عليها والإيمانِ بها { إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ } أي على وجه التكذيبِ والاستهزاء كما ستقف عليه ، وأما الآياتُ التكوينيةُ الشاملةُ للمعجزات وغيرِها من تعاجيب المصنوعاتِ فإتيانُها ظهورُها لهم . والمعنى ما يظهر لهم آيةٌ من الآيات التكوينية التي من جملتها ما ذُكر من جلائِلِ شؤونه تعالى الشاهدةِ بوحدانيته إلا كانوا عنها معرضين تاركين للنظر الصحيحِ فيها . المؤدِّي إلى الإيمان بمُكوِّنها ، وإيثارُه على أن يقال : إلا أعرضوا عنها كما وقع مثلُه في قوله تعالى : { وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ } [ القمر ، الآية 2 ] للدَلالة على استمرارهم على الإعراض حسَبَ استمرارِ إتيانِ الآيات ، و( عن ) متعلقةٌ ( بمعرضين ) قُدِّمت عليه مراعاةً للفواصل ، والجملة في محل النصب على أنها حال من مفعول تأتي أو من فاعلِه المتخصِّصِ بالوصف لاشتمالها على ضمير كل منهما . وأياً ما كان ففيها دلالة بينةٌ على كمال مسارعتهم إلى الإعراض ، وإيقاعِها له في آنِ الإتيان كما يُفصح عنه كلمةُ ( لما ) في قوله تعالى : { فَقَدْ كَذَّبُوا بالحق لَمَّا جَاءهُمْ } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.