الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَمَا تَأۡتِيهِم مِّنۡ ءَايَةٖ مِّنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِمۡ إِلَّا كَانُواْ عَنۡهَا مُعۡرِضِينَ} (4)

قوله تعالى : { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ } : " مِنْ آية " فاعل زيدت فيه " مِنْ " لوجود الشرطين فلا تَعَلُّق لها . و " من آيات " صفة ل " آية " فهي في محل جرٍّ على اللفظ أو رفعٍ على الموضع . ومعنى " مِنْ " التبعيض .

قوله : { إِلاَّ كَانُواْ } هذه الجملةُ الكونيَّةُ في محل نصب على الحال ، وفي صاحبها وجهان ، أحدهما : أنه الضمير في " تأتيهم " والثاني : أنه " من آية " وذلك لتخصُّصِها بالوصف . " وتأتيهم " يحتمل أن يكون ماضيَ المعنى لقوله " كانوا " ويحتمل أن يكون " كانوا " مستقبلَ المعنى لقوله " تأتيهمْ " . واعلمْ أن الفعل الماضي لا يقع بعد " إلا " إلا بأحد شرطين : إمَّا وقوعِه بعد فعلٍ كهذه الآية الكريمة ، أو يقترن ب " قد " نحو : ما زيدٌ إلا قد قام " . وهنا التفات من خطابه بقوله : " خلقكم " إلى آخره إلى الغَيْبة بقوله : " وما تأتيهم " .