ولكن القرآن - مع هذا - يفتح باب التوبة لمن أراد أن يتوب ، وينهى الناس عن أن يقنطوا من رحمة الله متى تابوا وأنابوا وأصلحوا فيقول - بعد تلك الحملة المرعبة التي شنها على الكفر والكافرين : - { إِلاَّ الذين تَابُواْ مِن بَعْدِ ذلك وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .
أى : أن اللعنة مستمرة على هؤلاء الذين كفروا بعد إيمانهم ، وهم خالدون فى العذاب يوم القيامة بدون إمهال أو تأخير ، إلا الذين تابوا منهم عن الكفر الذى ارتكبوه ، وعن الظلم الذى اقترفوه ، وأصلحوا ما أفسدوه بأن قالوا ربنا الله ثم استقاموا على طريق الحق ، وحافظوا على أداء الأعمال الصالحة " فإن الله - تعالى - غفور رحيم " أى فإنه سبحانه يغفر لهم ما سلف منهم من كفر وظلم .
ففى هذه الآية الكريمة إغراء للكافرين بأن يقلعوا عن كفرهم وللمذنبين بأن يثوبوا إلى رشدهم وبأن يتوبوا إلى ربهم ، فإنه - سبحانه - يغفر الذنوب جميعا لمن يتوب ويحسن التوبة ، فهو القائل { قُلْ يا عبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم وأنيبوا إلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ }
{ إلا الذين تابوا من بعد ذلك } أي من بعد الارتداد . { وأصلحوا } ما أفسدوا ، ويجوز أن لا يقدر له مفعول بمعنى ودخلوا في الصلاح . { فإن الله غفور } يقبل توبته . { رحيم } يتفضل عليه . قيل : إنها نزلت في الحارث بن سويد حين ندم على ردته فأرسل إلى قومه أن سلوا هل لي من توبة ، فأرسل إليه أخوه الجلاس بالآية فرجع إلى المدينة فتاب .
تقدم أيضاً معنى { إلا الذين تابوا وأصلحوا } في سورة البقرة ( 160 ) ، ومعنى فإن الله غفور رحيم } الكناية عن المغفرة لهم . قيل نزلت في الحارث بن سويد الأنصاري من بني عمرو بن عوف الذي ارتدّ ولحق بقريش وقيل بنصارى الشام ، ثم كتب إلى قومه ليسألهم هل من توبة ، فسألوا رسول الله فنزلت هذه الآية فأسلم ورجع إلى المدينة وقوله : { فإن الله غفور رحيم } علة لكلام محذوف تقديره الله يغفر لهم لأنه غفور رحيم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.