الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ وَأَصۡلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (89)

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن السدي في قوله { كيف يهدي الله قوما } الآية قال : أنزلت في الحارث بن سويد الأنصاري ، كفر بعد إيمانه . فأنزلت فيه هذه الآيات ، ثم نزلت { إلا الذين تابوا . . . } الآية . فتاب .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من وجه آخر عن مجاهد في قوله { كيف يهدي الله قوما . . . } الآية . قال : نزلت في رجل من بني عمرو بن عوف كفر بعد إيمانه فجاء الشام .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن مجاهد في الآية قال : هو رجل من بني عمرو بن عوف كفر بعد إيمانه قال : قال ابن جريج : أخبرني عبد الله بن كثير ، عن مجاهد قال : لحق بأرض الروم فتنصر ، ثم كتب إلى قومه : أرسلوا هل لي من توبة ؟ فنزلت { إلا الذين تابوا } فآمن ثم رجع . قال ابن جريج : قال عكرمة : نزلت في أبي عامر الراهب ، والحارث بن سويد بن الصامت ، ووحوح بن الأسلت ، في اثني عشر رجلا رجعوا عن الإسلام ولحقوا بقريش . ثم كتبوا إلى أهلهم هل لنا من توبة ؟ ! فنزلت { إلا الذين تابوا من بعد ذلك . . . } الآيات .

وأخرج ابن إسحق وابن المنذر عن ابن عباس أن الحارث بن سويد قتل المجدر بن زياد ، وقيس بن زيد أحد بني ضبيعة يوم أحد ، ثم لحق بقريش فكان بمكة ، ثم بعث إلى أخيه الجلاس يطلب التوبة ليرجع إلى قومه . فأنزل الله فيه { كيف يهدي الله قوما } إلى آخر القصة .

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح مولى أم هانئ أن الحرث بن سويد بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم لحق بأهل مكة ، وشهد أحدا فقاتل المسلمين ، ثم سقط في يده فرجع إلى مكة ، فكتب إلى أخيه جلاس بن سويد : يا أخي إني ندمت على ما كان مني ، فأتوب إلى الله وأرجع إلى الإسلام ؟ فاذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن طمعت لي في توبة فاكتب إلي . فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم . فأنزل الله

{ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم } فقال قوم من أصحابه ممن كان عليه يتمنع ثم يراجع الإسلام ، فأنزل الله ( إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون ) .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله { كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم } قال : هم أهل الكتاب عرفوا محمدا ثم كفروا به .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن في الآية قال : هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، رأوا نعت محمد في كتابهم ، وأقروا به ، وشهدوا أنه حق . فلما بعث من غيرهم حسدوا العرب على ذلك ، فأنكروه وكفروا بعد إقرارهم حسدا للعرب حين بعث من غيرهم .