مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ وَأَصۡلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (89)

ثم قال : { إلا الذين تابوا من بعد ذلك } والمعنى إلا الذين تابوا منه ، ثم بين أن التوبة وحدها لا تكفي حتى ينضاف إليها العمل الصالح فقال : { وأصلحوا } أي أصلحوا باطنهم مع الحق بالمراقبات وظاهرهم مع الخلق بالعبادات ، وذلك بأن يلعنوا بأنا كنا على الباطل حتى أنه لو اغتر بطريقتهم الفاسدة مغتر رجع عنها .

ثم قال : { فإن الله غفور رحيم } وفيه وجهان الأول : غفور لقبائحهم في الدنيا بالستر ، رحيم في الآخرة بالعفو الثاني : غفور بإزالة العقاب ، رحيم بإعطاء الثواب ، ونظيره قوله تعالى : { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } [ الأنفال : 38 ] ودخلت الفاء في قوله { فإن الله غفور رحيم } لأنه الجزاء ، وتقدير الكلام : إن تابوا فإن الله يغفر لهم .