لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ وَأَصۡلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (89)

ثم استثنى سبحانه وتعالى فقال : { إلاّ الذين تابوا من بعد ذلك } يعني من بعد ارتدادهم وكفرهم وذلك أن الحارث بن سويد الأنصاري لما لحق بالكفار ندم على ذلك فأرسل إلى قومه أن سلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لي من توبة ؟ ففعلوا ذلك فأنزل الله تعالى { إلاّ الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا } فبعث بها إليه أخوه الجلاس مع رجل من قومه ، فأقبل إلى المدينة تائباً وقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم توبته وحسن إسلامه { وأصلحوا } أي وضموا إلى التوبة الأعمال الصالحة فبيَّن أن التوبة وحدها لا تكفي حتى يضاف إليها العمل الصالح . وقيل : معناه وأصلحوا باطنهم مع الحق بالمراقبات وظاهرهم مع الخلق بالعبادات والطاعات { فإن الله غفور رحيم } أي غفور لقبائحهم في الدنيا بالستر رحيم في الآخرة بالعفو وقيل : غفور بإزالة العذاب رحيم بإعطاء الثواب .