المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَمَسَخۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمۡ فَمَا ٱسۡتَطَٰعُواْ مُضِيّٗا وَلَا يَرۡجِعُونَ} (67)

67- ولو نشاء تغيير صورهم لغيرناها إلى صور قبيحة يتسمرون عندها في أماكنهم ، لا يمضون إلى الأمام ، ولا يرجعون إلى الخلف لما جرى عليهم من أمرنا في إفقادهم قواهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَمَسَخۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمۡ فَمَا ٱسۡتَطَٰعُواْ مُضِيّٗا وَلَا يَرۡجِعُونَ} (67)

{ وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ } أي : لأذهبنا حركتهم { فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا } إلى الأمام { وَلَا يَرْجِعُونَ } إلى ورائهم ليبعدوا عن النار . والمعنى : أن هؤلاء الكفار ، حقت عليهم كلمة العذاب ، ولم يكن بُدٌّ من عقابهم .

وفي ذلك الموطن ، ما ثَمَّ إلا النار قد برزت ، وليس لأحد نجاة إلا بالعبور على الصراط ، وهذا لا يستطيعه إلا أهل الإيمان ، الذين يمشون في نورهم ، وأما هؤلاء ، فليس لهم عند اللّه عهد في النجاة من النار ؛ فإن شاء طمس أعينهم وأبقى حركتهم ، فلم يهتدوا إلى الصراط لو استبقوا إليه وبادروه ، وإن شاء أذهب حراكهم فلم يستطيعوا التقدم ولا التأخر . المقصود : أنهم لا يعبرونه ، فلا تحصل لهم النجاة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَمَسَخۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمۡ فَمَا ٱسۡتَطَٰعُواْ مُضِيّٗا وَلَا يَرۡجِعُونَ} (67)

وقوله - سبحانه - : { وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ على مَكَانَتِهِمْ فَمَا استطاعوا مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ } والمسخ : تبديل الخلقة وتحويلها من حال إلى حال ، ومن هيئة إلى هيئة .

أى : وفى قدرتنا إذا شئنا ، أن نغير صورهم الإِنسانية إلى صور أخرى قبيحة ، كأن نحولهم إلى قردة أو حيوانات وهم { على مَكَانَتِهِمْ } أى : وهم فى مكانهم الذى يقيمون فيه { فَمَا استطاعوا } بسبب هذا المسخ { مُضِيّاً } أى : ذهابا إلى مقاصدهم { وَلاَ يَرْجِعُونَ } أى : ولما استطاعوا - أيضا - إذا ذهبوا أن يرجعوا .

أى : فى إمكاننا أن نمسخهم وهم جالسون فى أماكنهم ، فلا يقدرون أن يمضوا إلى الأمام ، أو أن يعودوا إلى الخلف .

فالمقصود بالآيتين الكريمتين تهديدهم على استمرارهم فى كفرهم ، وبيان أنهم تحت قدرة الله - تعالى - وفى قبضته ، وأنه - سبحانه - قادر على أن يفعل بهم ما يشاء من طمس للأبصار ، ومن مسخ للصور ، ومن غير ذلك مما يريده - تعالى - .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَمَسَخۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمۡ فَمَا ٱسۡتَطَٰعُواْ مُضِيّٗا وَلَا يَرۡجِعُونَ} (67)

30

وهم في المشهد الثاني قد جمدوا فجأة في مكانهم ، واستحالوا تماثيل لا تمضي ولا تعود ؛ بعد أن كانوا منذ لحظة عمياناً يستبقون ويضطربون !

وإنهم ليبدون في المشهدين كالدمى واللعب ، في حال تثير السخرية والهزء . وقد كانوا من قبل يستخفون بالوعيد ويستهزئون !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَمَسَخۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمۡ فَمَا ٱسۡتَطَٰعُواْ مُضِيّٗا وَلَا يَرۡجِعُونَ} (67)

وقوله : { وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِم } قال العوفي عن ابن عباس : أهلكناهم .

وقال السدي : يعني : لَغَيَّرْنَا خَلْقَهم .

وقال أبو صالح : لجعلناهم حجارة .

وقال الحسن البصري ، وقتادة : لأقعدهم على أرجلهم .

ولهذا قال تعالى : { فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا } أي : إلى أمام ، { وَلا يَرْجِعُونَ } أي : إلى وراء ، بل يلزمون حالا واحدًا ، لا يتقدمون ولا يتأخرون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَمَسَخۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمۡ فَمَا ٱسۡتَطَٰعُواْ مُضِيّٗا وَلَا يَرۡجِعُونَ} (67)

{ مسخناهم } ظاهره تبديل خلقتهم بالقردة والخنازير ونحوه مما تقدم في بني إسرائيل وغَيرهم ، وقال الحسن وقتادة وجماعة من المفسرين : معناه لجعلناهم مقعدين مبطلين ، لا يستطيعون تصرفاً ، وقال ابن سلام هذا التوعد كله يوم القيامة ، وقرأ جمهور القراء «على مكانتهم » بإفراد ، وهو بمعنى المكان كما يقال دار ودارة ، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر «على مكاناتهم » بالجمع ، وفي قراءة الحسن وابن أبي إسحاق ، وقرأ جمهور القراء «مُضياً » بضم الميم ، وقرأ أبو حيوة «مَضياً » بفتحها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَمَسَخۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمۡ فَمَا ٱسۡتَطَٰعُواْ مُضِيّٗا وَلَا يَرۡجِعُونَ} (67)

ولما كانت { لو } تقتضي امتناعاً لامتناع فهي تقتضي معنى : لكنّا لم نشأ ذلك فتركناهم على شأنهم استدراجاً وتمييزاً بين الخبيث والطيّب . فهذا كلام موجه إلى المسلمين ومراد منه تبصرة المؤمنين وإرشادهم إلى الصبر على ما يلاقونه من المشركين حتى يأتي نصر الله .

فالطمس والمسخ المعلقان على الشرط الامتناعي طمس ومسخ في الدنيا لا في الآخرة . والطمس : مسخ شواهد العين بإزالة سوادها وبياضها أو اختلاطهما وهو العمى أو العَور ، ويقال : طريق مطموسة ، إذا لم تكن فيها آثار السائرين ليقْفُوَهَا السائر . وحرف الاستعلاء للدلالة على تمكن الطمس وإلا فإن طَمسَ يتعدى بنفسه .

والاستباق : افتعال من السبق والافتعال دال على التكلف والاجتهاد في الفعل أي فبادروا .

و { الصراط } : الطريق الذي يُمشى فيه ، وتعدية فعل الاستباق إليه على حذف ( إلى ) بطريقة الحذف والإِيصال ، قال الشاعر وهو من شواهد الكتاب :

تَمرُّون الديار ولم تَعُوجُوا

أراد : تمرون على الديار .

أو على تضمين « استبقوا » معنى ابتدروا ، أي ابتدروا الصراط متسابقين ، أي مسرعين لِما دهمهم رجاءَ أن يصلوا إلى بيوتهم قبل أن يهلكوا فلم يبصروا الطريق . وتقدم قوله تعالى : { إنا ذهبنا نستبق } في سورة يوسف } ( 17 ) .

و« أنَّى » استفهام بمعنى ( كيف ) وهو مستعمل في الإِنكار ، أي لا يبصرون وقد طمست أعينهم ، أي لو شئنا لعجلنا لهم عقوبة في الدنيا يرتدعون بها فيقلعوا عن إشراكهم .

المسخ : تصيير جسم الإِنسان في صورة جسم من غير نوعه ، وقد تقدم القول فيه عند قوله تعالى : { فقلنا لهما كونوا قِرَدة خاسئين } في سورة البقرة } ( 65 ) .

وعن ابن عباس أن الممسوخ لا يعيش أكثر من ثلاثة أيام وعليه فلا شيء من الأشياء الموجودة الآن ببقية مسخ .

والمكانة : تأنيث المكان على تأويله بالبقعة كما قالوا : مقام ومقامة ، ودار ودارة ، أي لو نشاء لمسخنا الكافرين في الدنيا في مكانهم الذي أظهروا فيه التكذيب بالرسل فما استطاعوا انصرافاً إلى ما خرجوا إليه ولا رجوعاً إلى ما أتوا منه بل لزموا مكانهم لزوال العقل الإِنساني منهم بسبب المسخ .

وكان مقتضى المقابلة أن يقال : ولا رجوعاً ، ولكن عدل إلى { ولا يرجِعُونَ } لرعاية الفاصلة فجعل قوله { ولاَ يَرْجِعُونَ } عطفاً على جملة « ما استطاعوا » وليس عطفاً على { مُضِيّاً } لأن فعل استطاع لا ينصب الجمل . والتقدير : فما مضَوْا ولا رجعوا فجعلنا لهم العذاب في الدنيا قبل عذاب الآخرة وأرحنا منهم المؤمنين وتركناهم عبرة وموعظة لمن بعدهم .