المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ} (13)

13- ثم خلقنا نسله فجعلناه نطفة - أي ماء فيه كل عناصر الحياة الأولي - تستقر في الرحم ، وهو مكان مستقر حصين .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ} (13)

{ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ } أي : جنس الآدميين { نُطْفَةً } تخرج من بين الصلب والترائب ، فتستقر { فِي قَرَارٍ مَكِينٍ } وهو الرحم ، محفوظة من الفساد والريح وغير ذلك .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ} (13)

والضمير المنصوب فى قوله { ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } يعود على النوع الإنسانى المتناسل من آدم - عليه السلام - .

وأصل النطفة : الماء الصافى . أو القليل من الماء الذى يبقى فى الدلو أو القربة ، وجمعها نُطف ونِطَاف . يقال : نطفت القربة ، إذا تقاطر ماؤها بقلة .

والمراد بها هناك المنى الذى يخرج من الرجل ، ويصب فى رحم المرأة .

والمعنى : لقد خلقنا أباكم آدم بقدرتنا من سلالة من طين ، ثم خلقنا ذريته بقدرتنا - أيضاً - من منى يخرج من الرجل فيصب فى قرار مكين ، أى : فى مستقر ثابت ثبوتاً مكيناً ، وهو رحم المرأة .

قال القرطبى : " قوله - تعالى - : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان } : الإنسان هو آدم - عليه السلام - لأنه استل من الطين . ويجىء الضمير فى قوله { ثُمَّ جَعَلْنَاهُ } عائداً على ابن آدم ، وإن كان لم يذكر لشهرة الأمر ، فإن المعنى لا يصلح إلا له . . . " .

وشبيه بهاتين الآيتين قوله - تعالى - : { ذلك عَالِمُ الغيب والشهادة العزيز الرحيم الذي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسان مِن طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ . . . } وقوله - سبحانه - : { أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ إلى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ القادرون وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ} (13)

12

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ} (13)

{ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً } : هذا الضمير عائد على جنس الإنسان ، كما قال في الآية الأخرى : { وَبَدَأَ خَلْقَ الإنْسَانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ } [ السجدة : 7 ، 8 ] أي : ضعيف ، كما قال : { أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ . فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ } {[20488]} ، يعني : الرحمُ مُعَد لذلك مهيأ له ، { إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ } [ المرسلات : 22 ، 23 ] ، أي : [ إلى ]{[20489]} مدة معلومة وأجل معين حتى استحكم وتنَقَّل من حال إلى حال ، وصفة إلى صفة ؛ ولهذا قال هاهنا : { ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً }


[20488]:- في أ : "فجعلناه نطفة" وهو خطأ.
[20489]:- زيادة من ف ، أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ} (13)

{ ثم جعلناه } ثم جعلنا نسله فحذف المضاف . { نطفة } بأن خلقناه منها أو ثم جعلنا السلالة نطفة ، وتذكير الضمير على تأويل الجوهر أو المسلول أو الماء . { في قرار مكين } مستقر حصين يعني الرحم ، وهو في الأصل صفة للمستقر وصف به المحل للمبالغة كما عبر عنه بالقرار .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ} (13)

ويجيء الضمير في قوله { ثم جعلناه } عائداً على ابن آدم وإن كان لم يذكر لشهرة الأمر وأن المعنى لا يصلح إلا له ، نظير ذلك { حتى توارت بالحجاب }{[8459]} [ ص : 32 ] وغيره ، وقال ابن عباس وغيره المراد بقوله { الإنسان } ابن آدم ، و { سلالة من طين } صفوة الماء ع وهذا على أنه اسم الجنس ويترتب فيه أَنه سلالة من حيث كان الكل عن آدم أو عن أبويه المتغذيين بما يكون من الماء والطين وذلك السبع الذي جعل الله رزق ابن آدم ، وسيجيء قول ابن عباس فيها إن شاء الله{[8460]} ، وعلى هذا يجيء قول ابن عباس : إن «السلالة » هي صفوة الماء يعني المني ، وقال مجاهد { سلالة من طين } : مني آدم ع وهذا نبيل إذ آدم طين وذريته من سلالة ، وما يكون عن الشيء فهو سلالته ، وتختلف وجوه ذلك الكون فمنه قولهم للخمر سلالة لأنها سلالة العنب ومنه قول الشاعر : [ الطويل ]

إذا أنتجت منها المهار تشابهت . . . على العود إلا بالأنوف سلائله{[8461]}

ومن اللفظ قول هند بنت النعمان بن بشير :

سليلة أفراس تجللها بغل{[8462]} . . . ومنه قول الآخر [ حسان بن ثابت ] : [ الطويل ]

فجاءت به عضب الأديم غضنفراً . . . سلالة فرج كان غير حصين{[8463]}

وهذه الفرقة يترتب مع قولها عود الضمير في «جعلنا وأنشأنا » و { النطفة } تقع في اللغة على قليل الماء وعلى كثيره ، وهي هنا لمني ابن آدم ، و «القرار المكين » من المرأة هو موضع الولد ، و «المكين » المتمكن فكأن القرار هو المتمكن في الرحم .


[8459]:من الآية (32) من سورة (ص).
[8460]:سيأتي ذلك عند تفسير قوله تعالى: {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق}، وسيبين المؤلف السبع التي جعل الله تعالى رزق ابن آدم فيها.
[8461]:البيت شاهد على أن السلائل جمع سلالة، وأن السلالة هي ما يكون عن الشيء، أو ما ينسل منه، ويختلف الانسلال باختلاف الأشياء، والمهر ولد الفرس، والإبل المهرية منسوبة إلى حي عظيم هم ولد مهرة بن حيدان، وجمعها مهارى ومهار، والعود: الجمل المسن وفيه بقية، والرواية في الطبري: "على القود"، ولم أجد هذا البيت في معاجم اللغة، ولا في كتب التفسير إلا الطبري، ولا في معاني القرآن للفراء، أو في مجاز القرآن لأبي عبيدة.
[8462]:هذا عجز بيت ذكره في اللسان (سلل) ونسبه إلى هند بنت النعمان كما قال ابن عطية، والبيت بتمامه: وما هند إلا مهرة عربية سليلة أفراس تحللها بغل والرواية في الطبري: (وهل كنت إلا مهرة) والمهر، أول ما ينتج من الخيل والحمر الأهلية، والأنثى مهرة. وتجللها: علاها، ويروى: تحللها ـ بالحاء المهملة ـ أي جعلها حليلة له، والسليلة: بنت الرجل من صلبه، والمراد بالبغل هنا الرجل الذي يشبه البغل، والبغل مذموم مكروه. تندب حظها وتقول: إنها مهرة عربية أصيلة وقد تزوجت رجلا فظا يشبه البغل في صفاته وطباعه، وقد قيل: إن كلمة بغل تصحيف عن نغل بالنون، وهو الخسيس من الناس والدواب، وذلك لأن البغل لا ينسل، ونميل إلى غير هذا؛ لأنها إنما أرادت سوء حظها، وأنها برقتها وجمالها وأصالتها قد نكبت بهذا البغل بما فيه من فظاظة وجلافة وانعدام الحساسية والذوق.
[8463]:البيت لحسان بن ثابت، وهو في اللسان أيضا (سلل)، وفي الطبري، والقرطبي، ورواية الطبري: "حملت به" بدلا من "فجاءت به"، ويستشهدون به على أن السلالة هي نطفة الإنسان، وأن سلالة الشيء هي ما استل منه، وعضب الأديم: غليظ الجلد، يعني أنه شديد قوي الجلد، وقد قال محقق اللسان: "لعله بالصاد المهملة بدلا من الضاد؛ لأن هذا التعبير غير موجود في اللغة.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ} (13)

ضمير { جعلناه } عائد إلى الإنسان .

والسّلالة : الشيء المسلول ، أي المنتَزع من شيء آخر ، يقال : سَللت السيف ، إذا أخرجته من غمده ، فالسلالة خلاصة من شيء ، ووزن فُعَالة يؤذن بالقلة مثل القُلامة والصُبابة .

و { من } ابتدائية ، أي خلقناه منفصلاً وآتيا من سلالة ، فتكون السلالة على هذا مجموع ماء الذكر والأنثى المسلول من دمهما .

وهذه السلالة هي ما يفرزه جهاز الهضم من الغذاء حين يصير دماً ؛ فدم الذكر حين يمر على غدتي التناسل ( الأنثيين ) تفرز منه الأنثيان مادة دُهنيَّة شحميَّة تحتفظ بها وهي التي تتحوّل إلى منيّ حين حركة الجماع ، فتلك السلالة مخرجة من الطين لأنها من الأغذية التي أصلها من الأرض . ودم المرأة إذا مر على قناة في الرحم ترك فيها بويضات دقيقة هي بَذر الأجنة . ومن اجتماع تلك المادة الدُهنية التي في الأنثيين مع البويضة من البويضات التي في قناة الرحم يتكوّن الجنين فلا جرم هو مخلوق من سُلالةٍ من طينٍ .

وقوله { ثم جعلناه نطفة في قرار مَكين } طور آخر للخلق وهو طور اختلاط السُلالتين في الرحم . سميت سُلالة الذكر نطفة لأنها تنطُف ، أي تقطر في الرحم في قناة معروفة وهو القرار المكين .

ف { نطفةً } مَنصُوبٌ على الحال وقوله : { في قرار مكين } هو المفعول الثاني ل { جعلناه } . و { ثم } للترتيب الرتبي لأن ذلك الجعل أعظم من خلق السلالة . فضمير { جعلناه } عائد إلى الإنسان باعتبار أنه من السلالة ، فالمعنى : جعلنا السلالة في قرار مكين ، أي وضعناها فيه حفظاً لها ، ولذلك غُير في الآية التعبير عن فعل الخلق إلى فعل الجعل المتعدي ب ( في ) بمعنى الوضع .

والقرار في الأصل : مصدر قَرّ إذا ثبت في مكانه ، وقد سمي به هنا المكان نفسُه . والمكين : الثابت في المكان بحيث لا يقلع من مكانه ، فمقتضى الظاهر أن يوصف بالمكين الشيءُ الحالّ في المكان الثابت فيه . وقد وقع هنا وصفاً لنفس المكان الذي استقرت فيه النطفة ، على طريقة المجاز العقلي للمبالغة ، وحقيقتُه مكين حالُّه ، وقد تقدم قوله تعالى : { أكفرت بالذي خلقك من تراب ثمّ من نطفة } في سورة الكهف ( 37 ) وقوله : { فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة } في سورة الحج ( 5 ) .

ويجوز أن يراد بالإنسان في قوله : { ولقد خلقنا الإنسان } آدم . وقال بذلك قتادة فتكون السّلالة الطينَةَ الخاصةَ التي كوّن الله منها آدم وهي الصلصال الذي ميزه من الطين في مبدإ الخليقة ، فتلك الطينة مسْلولة سلاّ خاصّاً من الطين ليتكوّن منها حيٌّ ، وعليه فضمير { جعلناه نطفة } على هذا الوجه عائد إلى الإنسان باعتبار كونه نسلاً لآدم فيكون في الضمير استخدام ، ويكون معنى هذه الآية كمعنى قوله تعالى : { وبدَأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين } [ السجدة : 7 ، 8 ] .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ} (13)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ثم جعلنه نطفة} يعني: ذرية آدم {في قرار مكين}، يعني: الرحم: تمكن النطفة في الرحم.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يعني تعالى ذكره بقوله:"ثُمّ جَعَلْناهُ نطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ" ثم جعلنا الإنسان الذي جعلناه من سلالة من طين، نطفة في قرار مكين، وهو حيث استقرّت فيه نطفة الرجل من رحم المرأة. ووصفه بأنه مكين، لأنه مُكّن لذلك وهيئ له ليستقرّ فيه إلى بلوغ أمره الذي جعله له قرارا.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما ذكر سبحانه أصل الآدمي الأول الذي هو الطين الذي شرفه به لجمعه الطهورين، وعبر فيه بالخلق لما فيه من الخلط، لأن الخلق -كما مر عن الحرالي في أول البقرة: تقدير أمشاج ما يراد إظهاره بعد الامتزاج والتركيب صورة، مع أنه ليس مما يجري على حكمة التسبيب التي نعهدها أن يكون من الطين إنسان، أتبعه سبحانه أصله الثاني الذي هو أطهر الطهورين: الماء الذي منه كل شيء حي، معبراً عنه بالجعل لأنه كما مر أيضاً إظهار أمر سبب وتصيير، وما هو من الطين مما يتسبب عنه من الماء ويستجلب منه وهو بسيط لا خلط فيه فلا تخليق له، وعبر بأداة التراخي لأن جعل الطين ماء مستبعد جداً فقال: {ثم جعلناه} أي الطين أو هذا النوع المسلول من المخلوق من الطين بتطوير أفراده ببديع الصنع ولطيف الوضع {نطفة} اي ماء دافقاً لا أثر للطين فيه {في قرار} أي من الصلب والترائب ثم الرحم، مصدر جعل اسماً للموضع {مكين} أي مانع من الأشياء المفسدة.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

طور آخر للخلق وهو طور اختلاط السُلالتين في الرحم. سميت سُلالة الذكر نطفة لأنها تنطُف، أي تقطر في الرحم في قناة معروفة وهو القرار المكين.

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

{وجعلناه} هنا بمعنى حولناه في أصلاب الآباء نطفة هي الماء الدافق الذي ألقي في أرحام الأمهات، وهذه الأرحام هي (القرار المكين) فالقرار معناه المستقر، ووصف بأنه مكين، أي أنه محكم، ما استقر فيه لا يمكن أن يخرج منه، ووصف المستقر بأنه مكين من حيث إن ما يدخله يكون ثابتا، بل يتربى في موضعه ويتغذى حتى يحين ميقاته، فوصف الموضع بالاستقرار، والمكانة والثبات مع أن الثابت المستقر هو ما أودعه، كما يوصف الطريق بأنه سائر مع أن السائر هو الماشي فيه. وإن الله الخلاق العليم يجعل الأرحام عندما يدفق فيها الماء يغلق عليه ويتربى فيه، ويتغذى من الدم، حتى يحين ميعاد الولادة، والأدوار التي يذكرها الله تعالى.

التفسير الحديث لدروزة 1404 هـ :

والذي يتبادر أن هذه الآيات وأمثالها العديدة التي وردت في سور عديدة وذكر فيها خلق آدم أو الإنسان من طين ثم جعل نسله بطريق النطفة إنما سيقت في معرض التذكير والعظة والتدليل على قدرة الله بأسلوب يستطيع السامعون على اختلاف طبقاتهم فهمه ولمسه والاعتبار به والاستدلال منه على قدرة الله. وأن الأولى الوقف منها عند ما وقف عنده القرآن مع ملاحظة هذا الهدف البارز فيها. وأنه لا طائل من وراء التزيد والتخمين وتحميل العبارة غير ما تتحمل ونرى ذلك إخراجا للقرآن من نطاق قدسيته وأهدافه كما هو رأينا في كل الشؤون المماثلة.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

{ثم جعلناه نطفة في قرار مكين} يعني: بعد أن جعلناه بشرا مستويا فيه روح جعلناه يتكاثر من نفسه، وكما خلقناه من خلاصة الطين في الإنسان الأول نخلقه في النسل من خلاصة الماء وأصفى شيء فيه، وهي النطفة، لأن الإنسان يأكل ويشرب ويتنفس، والدم يمتص خلاصة الغذاء، والباقي يخرج على هيئة فضلات، ثم يصفى الدم ويرشح في الرئة وفي الكلى، ومن خلاصة الدم تكون طاقة الإنسان وتكون النطفة التي يخلق منها الإنسان. إذن: فهو حتى في النطفة من سلالة منتقاة. والنطفة التي هي أساس خلق الإنسان تعيش في وسط مناسب هو السائل المنوي، لذلك قال سبحانه: {ألم يك نطفة من مني يمنى (37)} [القيامة]، ثم جعلنا هذه النطفة {في قرار مكين} قرار: يعني مستقر تستقر فيه النطفة، والقرار المكين هو الرحم خلقه الله على هذه الهيئة، فحصنه بعظام الحوض، وجعله معدا لاستقبال هذه النطفة والحفاظ عليها.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

وتضيف الآية التالية (ثمّ جعلناه نطفة في قرار مكين)، وفي الواقع فإنّ الآية الأُولى تشير إلى بداية وجود جمع البشر من آدم وأبنائه وأنّهم خلقوا جميعاً من التراب، إلاّ أنّ الآية التالية تشير إلى تداوم واستمرارية نسل الإنسان بواسطة تركيب نطفة الذكر ببويضة الأنثى في الرحم. وهذا البحث يشبه ما جاء في الآيتين السابعة والثامنة من سورة السجدة (وبدأ خلق الإنسان من طين ثمّ جعل نسله من سلالة من ماء مهين). والتعبير عن الرحم ب«قرار مكين»، أي القرار الآمن، إشارة إلى أهميّة الرحم في الجسم، حيث يقع في مكان أمين محفوظ من جميع الجهات، يحفظه العمود الفقري من جهة، وعظم الحوض القوي من جهة أُخرى، وأغشية البطن العديدة من جهة ثالثة، ودفاع اليدين يشكّل حرزاً رابعاً له. وكلّ ذلك شواهد على موضع الرحم الآمن.