فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ} (13)

{ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ } أي الجنس باعتبار أفراده الذين هم بنو آدم ، أو جعلنا نسله على حذف مضاف إن أريد بالإنسان آدم { نُطْفَةً } قد تقدم تفسير النطفة في سورة الحج ، وكذلك تفسير العلقة والمضغة .

{ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } المراد به الرحم وعبر عنها بالقرار الذي هو مصدر مبالغة واختلاف العواطف ب { ثُمَّ } والفاء لتفاوت الاستحالات يعني أن بعضها مستبعد حصوله مما قبله وهو المعطوف ب { ثم } فجعل الاستبعاد عقلا أو رتبة بمنزلة التراخي ، والبعد الحسي لأن حصول النطفة من أجزاء ترابية غريب جدا وكذا جعل النطفة البيضاء دما أحمر بخلاف جعل الدم لحما مشابها له في اللون والصورة وكذا تصليبها حتى تصير عظما ، لأنه قد يحصل ذلك بالمكث فيما يشاهد ، وكذا مدّ لحم المضغة عليه ليستره ، فسقط ما قيل : إن الوارد في الحديث أن مدة كل استحالة أربعون يوما ، وذلك يقتضي عطف الجميع ب { ثم } إن نظر لآخر المدة وأولها أو يقتضي العطف بالفاء إن نظر لآخرها فقط .