المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (43)

43- أقسم : لمن صبر على الظلم وتجاوز عن ظالمه ، ولم ينتصر لنفسه حينما لا يكون العفو تمكيناً للفساد في الأرض ، إن ذلك لمن الأمور التي ينبغي أن يوجبها العاقل على نفسه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (43)

{ وَلَمَنْ صَبَرَ } على ما يناله من أذى الخلق { وَغَفَرَ } لهم ، بأن سمح لهم عما يصدر منهم ، { إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } أي : لمن الأمور التي حث الله عليها وأكدها ، وأخبر أنه لا يلقاها إلا أهل الصبر والحظوظ العظيمة ، ومن الأمور التي لا يوفق لها إلا أولو العزائم والهمم ، وذوو الألباب والبصائر .

فإن ترك الانتصار للنفس بالقول أو الفعل ، من أشق شيء عليها ، والصبر على الأذى ، والصفح عنه ، ومغفرته ، ومقابلته بالإحسان ، أشق وأشق ، ولكنه يسير على من يسره الله عليه ، وجاهد نفسه على الاتصاف به ، واستعان الله على ذلك ، ثم إذا ذاق العبد حلاوته ، ووجد آثاره ، تلقاه برحب الصدر ، وسعة الخلق ، والتلذذ فيه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (43)

ثم ختم - سبحانه - هذه الصفات الكريمة للمؤمنين فقال : { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمور } .

أى : وللإِنسان الصابر على الأذى الذيى يصفح عن أساء إليه ، الثواب الجزيل ، والعاقبة الحسنة ، لأن ذلك الصبر والمغفرة منه ، لمن الأمور التى تدل على الهمة ، وقوة العزيمة . .

هذا ، والمتأمل فى هذه الآيات الكريمة ، يراها قد مدحت المؤمنين الصادقين بجملة من الصفات الحميدة ، التى تعتبر على رأس الصفات الأساسية ، لكل أمة تريد أن تنال الظفر والسعادة فى دنياها وآخرتها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (43)

36

ثم يعود إلى التوازن والاعتدال وضبط النفس والصبر والسماحة في الحالات الفردية ، وعند المقدرة على الدفع كما هو مفهوم ؛ وحين يكون الصبر والسماحة استعلاء لا استخذاء ؛ وتجملاً لا ذلاً :

( ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ) . .

ومجموعة النصوص في هذه القضية تصور الاعتدال والتوازن بين الاتجاهين ؛ وتحرص على صيانة النفس من الحقد والغيظ ، ومن الضعف والذل ، ومن الجور والبغي ، وتعلقها بالله ورضاه في كل حال . وتجعل الصبر زاد الرحلة الأصيل .

ومجموعة صفات المؤمنين ترسم طابعاً مميزاً للجماعة التي تقود البشرية وترجو ما عند الله وهو خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (43)

ثم إنه تعالى لما ذم الظلم وأهله وشرع القصاص ، قال نادبا إلى العفو والصفح : { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ } أي : صبر على الأذى وستر السيئة ، { إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمُورِ }

قال سعيد بن جبير : [ يعني ]{[25948]} لمن حق الأمور التي أمر الله بها ، أي : لمن الأمور المشكورة والأفعال الحميدة {[25949]} التي عليها ثواب جزيل وثناء جميل .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عمران بن موسى الطرسوسي ، حدثنا عبد الصمد بن يزيد - خادم الفضيل بن عياض - قال : سمعت{[25950]} الفضيل بن عياض يقول{[25951]} إذا أتاك رجل يشكو إليك رجلا فقل : " يا أخي ، اعف عنه " . فإن العفو أقرب للتقوى ، فإن قال : لا يحتمل قلبي العفو ، ولكن أنتصر كما أمرني الله{[25952]} عز وجل . فقل له{[25953]} إن كنت تحسن أن تنتصر وإلا فارجع إلى باب العفو ، فإنه باب واسع ، فإنه من عفا وأصلح فأجره على الله ، وصاحب العفو ينام على فراشه بالليل ، وصاحب الانتصار يقلب الأمور{[25954]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى - يعني ابن سعيد القطان - عن ابن عَجْلان ، حدثنا سعيد بن أبي سعيد ، {[25955]} عن أبي هريرة ، رضي الله عنه أن رجلا شتم أبا بكر والنبي صلى الله عليه وسلم جالس ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعجب ويتبسم ، فلما أكثر رد عليه بعض قوله ، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقام ، فلحقه أبو بكر فقال : يا رسول الله إنه كان يشتمني وأنت جالس ، فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت ! قال : " إنه كان معك ملك يرد عنك ، فلما رددت عليه بعض قوله حضر{[25956]} الشيطان ، فلم أكن لأقعد مع الشيطان " . ثم قال : " يا أبا بكر ، ثلاث كلهن حق ، ما من عبد ظُلم بمظلمة فيغضي عنها لله ، إلا أعز الله بها نَصْرَه ، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة ، إلا زاده الله بها كثرة ، وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة ، إلا زاده الله بها قلة "

وكذا رواه أبو داود ، عن عبد الأعلى بن حماد ، عن سفيان بن عيينة - قال : ورواه صفوان بن عيسى ، كلاهما عن محمد بن عَجْلان{[25957]} ورواه من طريق الليث ، عن سعيد المَقْبُرِي ، عن بشير بن المحرر ، عن سعيد بن المسيب مرسلا{[25958]} .

وهذا الحديث في غاية الحسن في المعنى ، وهو سببُ سبه للصديق{[25959]} .


[25948]:- (8) زيادة من أ.
[25949]:- (9) في ت: "المحمودة".
[25950]:- (10) في ت: "وعن".
[25951]:- (11) في ت: "قال".
[25952]:- (1) في ت: "ربي".
[25953]:- (2) في ت، أ: "قال له الفضيل".
[25954]:- (3) بعدها: "رواه ابن أبي حاتم".
[25955]:- (4) في ت: "وروى الإمام أحمد بسنده".
[25956]:- (5) في ت، م، أ: "وقع".
[25957]:- (6) المسند (2/436) وسنن أبي داود برقم (4896، 4897).
[25958]:- (7) سنن أبي داود برقم (4897).
[25959]:- (8) في ت، أ: "وهذا الحديث في غاية الحسن وهو مناسب للصديق"، وفي م: "وهذا الحديث في غاية الحسن في المعنى وهو مناسب للصديق".