الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (43)

ثم عاد في قوله : { إنما السبيل } إلى الكلام الأول ، كأنَّه قال : ولمنِ انتصر بعد ظلمه فَأُولَئِكَ ما عليهم من سبيل ، { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ } الآية ، واللام في قوله : { وَلَمَن صَبَرَ } يصِحُّ أنْ تكون لام قَسَمٍ ، ويصح أنْ تكون لام الابتداء ، و{ عَزْمِ الأمور } : مُحْكَمُهَا ومُتْقَنُهَا ، والحميدُ العاقبةِ منها ، فمَنْ رأى أَنَّ هذه الآية هي فيما بين المؤمنين والمشركين ، وأنَّ الصبر للمشركين كان أفضل قال : إنَّ الآية نسخت بآية السيف ، ومَنْ رأى أَنَّ الآية بين المؤمنين ، قال : هي مُحْكَمَةٌ ، والصبر والغفران أفضل إجماعاً . وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : " إذَا كَانَ يَوْمُ الْقَيَامَةِ ، نادى مُنَادٍ : مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ أَجْرٌ فَلْيَقُمْ ، فَيَقُومُ عَنَقٌ مِنَ النَّاسِ كَبِيرٌ ، فَيُقَالُ : مَا أَجْرُكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : نَحْنُ الَّذِينَ عَفَوْنَا عَمَّنْ ظَلَمَنَا في الدُّنْيَا " .